نام کتاب : طرسوس صفحة من جهاد المسلمين في الثغور نویسنده : جميل عبد الله محمد المصري جلد : 1 صفحه : 129
وأخذت قوة طرسوس تسير إلى انحدار سريع، وقطع الروم عن أهلها إمدادات المسلمين، ففي عام 350 هـ سار قفل عظيم من أنطاكيا إلى طرسوس، ومعهم صاحب أنطاكيا، فخرج عليهم كمين للروم، فأخذ من كان فيها من المسلمين، وقتل كثيراً منهم، وأفلت صاحب أنطاكيا، وبه جراحات[1].
واتسعت هجمات الروم، وسقطت جزيرة اقريطش (كريت) بأيديهم وقتل ارمانوس بن قسطنطين كثيرا من أهلها، وسبى من بقي، وأخذ الأموال، وأحرق المصاحف، وهدم المساجد[2]. فاستنجد أهلها بالمعز الفاطمي فأرسل إليهم جيشاً فانتصروا على الفرنج[3]. وهاجموا منبج في الثغور، وأسروا أبا فراس الحمداني وكان متقلداً لها[4]. وسقطت بأيديهم عين زربى[5].
وقد أمن الروم قوة طرسوس التي غرقت في الفوضى من داخلها، إذ تنكرت لسيف الدولة، بسبب ظلمه، وقبضه لوقوف أهل طرسوس، في بلاد حلب، وولاياتها، وكانت مورداً هاماً لأهل الثغر. فقطعوا الدعوة له، وأعلنوها لأنوجور وكافور الإخشيديين، وتزعم ذلك رشيق النسيمي، وضمن لها عمارة الثغر نيابة عنهما.
واتفق أهل المدينة، وعلى رأسهم أبو أحمد الهاشمي، ومحمد بن الزيات، على أن يكون الهاشمي وابن الزيات أميري الثغر، وأن يخطب لهما معا. وأرسلوا رسولا إلى مصر ليعلم أنوجور وكافور بالأمر، ولجلب الميرة والمال، لانفاقهما في الثغر. وكان الخليفة المطيع لله (234-263 هـ) قد كتب لأنوجور بن الإخشيد على مصر، والاسكندرية، والشام، وقبرص، على أن يحمل إلى حضرته كل سنة مائة ألف دينار، وولاه أمورها سوى الخطابة والحكومة، على أن يحمل إلى طرسوس في كل سنة خمسة وعشرين ألف دينار، وتفرق في المستحقين ببلاده مائتي ألف دينار[6]. ولكن أنوجورِ وكافور لم يرسلا شيئاً إلى طرسوس، فقام سيف الدولة بمراسلة الهاشمي وابن الزيات سرا عن رشيق النسيمي، وتم الاتفاق على إعادة الدعوة لسيف الدولة مقابل رد الوقوف المقبوضة، وإرسال مال إليهما لينفقاه بالثغر. [1] نفسه 6/ 360. [2] العيون والحدائق 4 ق 2/ 24، ابن تغري 3/ 327. [3] البداية والنهاية 11/ 241، الكامل 7/5. [4] الكامل 7/ 5، ابن تغري 3/333، البداية 11/241. [5] العيون والحدائق 2 ق 2/218، حول الإسلام 1/217، في حين ذكر ابن الأثير سقوطها عام 351 هـ/ الكامل 7/ 2. [6] أخبار الدول المنقطعة ص 248.
نام کتاب : طرسوس صفحة من جهاد المسلمين في الثغور نویسنده : جميل عبد الله محمد المصري جلد : 1 صفحه : 129