responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي    جلد : 2  صفحه : 323
ولم يجئ مكة -فيما علمت- بعد هذا السيل سيل على نحو هذه الصفة؛ إلا سيل كان بمكة في سنة اثنتين وثمانمائة؛ وذلك أنه في آخر اليوم الثامن من جمادى الأول من هذه السنة، نشأت مخايل، واستهلت بالغيث ساعة بعد ساعة، وكان الحال هكذا في اليوم التاسع من هذا الشهر، وفي آخره اشتد استهلال الغيث، واستمر الحال على ذلك إلى بعد المغرب من ليلة الخميس عاشر الشهر المذكور؛ فصار المطر يصب كأفواه القرب، وما شعر الناس إلا سيل وادي إبراهيم قد هجم مكة؛ فلما حاذى وادي أجياد خالطه السيل الذي جاء منه، وصار ذلك بحرا زاخرا، فدخل السيل المسجد الحرام من غالب أبوابه، وعمه كله، وكان عمقه في المسجد خمسة أذرع، على ما ذكر لي بعض أصحابنا في كتابه؛ لأني كنت غائبا عن مكة في الرحلة الثانية منها. وذكر لي بعض مشايخنا أن عمقه في جهة باب إبراهيم فوق قامة وبسطة، وأنه علا على عتبة باب الكعبة المعظمة قدر ذراع أو أكثر فيما قيل، ودخلها السيل من شق بابها الشريف، واحتمل درجة الكعبة المعظمة قدر ذراع أو أكثر فيما قيل، ودخلها السيل من شق بابها الشريف، واحتمل درجة الكعبة المعظمة فألقاها عند باب إبراهيم، ولولا صد بعض العواميد لها لحملها إلى حيث ينتهي، وأخرب عمودين في المسجد الحرام عند باب العجلة، بما عليهما من العقود والسقف، ولولا ما لطف الله به من تصرفه من المسجد سريعا لأخرب المسجد؛ لأنه كان يقد الأرض قدا، وأخرب دورا كثيرة بمكة، وسقط بعضها على سكانها فماتوا، وجملة من استشهد بسببه -على ما قيل- نحو ستين نفرا، وأفسد للناس من الأمتعة شيئا كثيرا، وأفسد في المسجد مصاحف كثيرة، ولما أصبح الناس نادى لهم المؤذن لصلاة الصبح بالصلاة في بيوتهم؛ للمشقة العظيمة في المشي في الطرقات إلى المسجد الحرام؛ لأجل الوحل والطين، وامتلأ المسجد بذلك أيضا، وكذلك صنع المؤذن لصلاة الصبح يوم الجمعة، ولم يخطب الخطيب يوم الجمعة إلا في الجانب الشمالي من المسجد الحرام، لعدم تمكنه من الخطبة في الموضع الذي جرت العادة بخطبته فيه، وهو الركن الشامي لما في هذا الموضع من الوحل والطين. وبلغني أن ناسا مكثوا يومين لا يتمكنون من الطواف لأجل ذلك إلا بمشقة، وبالجملة فكان سيلا مهولا، فسبحان الفعال لما يريد[1].
ومن سيول مكة المهولة بعد هذا السيل: سيل يدانيه؛ لدخول المسجد الحرام، وارتفاعه فيه فوق الحجر الأسود حتى بلغ عتبة باب الكعبة الشريفة، وألقى درجتها عند منارة باب الحزورة، وكان هجم هذا السيل على المسجد الحرام عقيب صلاة الصبح، من يوم السبت سابع وعشرين من ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وكان المطر وقع بقوة عظيمة في آخر هذه الليلة؛ فلما كان وقت صلاة الصبح، صلى الإمام الشافعي

[1] إتحاف الورى 3/ 419، العقد الثمين 1/ 208.
نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي    جلد : 2  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست