نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي جلد : 1 صفحه : 57
فأنتم الطلقاء" وهذه الخطبة في "السيرة" لابن إسحاق تهذيب ابن هشام" وتظهر الدلالة من ذلك على أن فتح مكة عنوة ببيان معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "أنتم الطلقاء" ومعنى ذلك المطلوقون من الاسترقاق، أشار إلى ذلك ابن الأثير، في "نهاية الغريب" له لأن فيها قال في حديث حنين حين خرج إليها ومعه الطلقاء الذين خلا عنهم يوم الفتح - فتح مكة: أطلقهم ولم يسترقهم، وأحدهم طليق - فعيل، بمعنى مفعول- وهو الأسير إذا أطلق سبيله، ومنه الحديث: "الطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف" كأنه ميز قريشا بهذا الاسم حيث هو أحسن من العتقاء ... انتهى.
وإذا كان هذا معنى الطلقاء، فخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لقريش بهذا الخطاب يقتضي أنهم كانوا حين خوطبوا بذلك في الأسر المقتضي للاسترقاق لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم تفضل عليهم بالإطلاق، ولولا ذلك لم يكن لاستعلامه صلى الله عليه وسلم قريشا عن ما توقعونه منه محل لخطاب قريش بذلك بعد تأمينهم، وهذا من أظهر الدلائل على فتح مكة عنوة، ويبعد الانفصال عنه بجواب شاف إلا أن يقال إن ذلك مرسل، والمرسل لا يحتج به، ولو سلم ذلك، فالدلالة على فتح مكة عنوة ناهضة من غيره من الدلائل التي ذكرناها، والله أعلم.
وقد ذكر الأزرقي خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة يوم فتحها بلفظ يقرب من لفظها السابق في المعنى وزيادة فيها، ونص ما ذكره الأزرقي فيما رويناه عنه بالسند المتقدم، حدثني جدي أحمد بن محمد وإبراهيم بن محمد الشافعي قالا: أنبأنا مسلم بن خالد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عطاء بن أبي رباح والحسن بن أبي الحسن وطاوس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة البيت فصلى فيه ركعتين، ثم خرج وقد لبط[1] الناس حول الكعبة فأخذ بعضادتي الباب، فقال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ماذا تقولون وماذا تظنون؟ " قالوا: نقول خيرا، ونظن خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، وقد قدرت فاسمح، قال: "فإني أقول كما قال أخي يوسف: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين} " [يوسف: 92] ... انتهى. باختصار[2].
ومما يدل على أن فتح مكة عنوة ما رويناه في مسند الإمام أحمد بن حنبل، لأنه قال: حدثنا يحيى، عن حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: لما فتحت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كفوا السلاح إلا خزاعة عن بني بكر"، فأذن لهم حتى صلى العصر، ثم قال: "كفوا السلاح"، الحديث بطوله[3]. [1] لبط: أي اجتمع، وتأتي أيضا بمعنى سعى، والمعنى الأول هو الأرجح. [2] أخبار مكة للأزرقي 2/ 121. [3] مسند أحمد 2/ 212.
نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي جلد : 1 صفحه : 57