نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي جلد : 1 صفحه : 385
وكان إحرامه صلى الله عليه وسلم ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة، نقل ذلك عن الواقدي المحب الطبري قال: ومنها يحرم أهل مكة كل عام ليلة سبع عشرة من ذي القعدة، وذلك خلاف ما ذكره الواقدي[1] ... انتهى.
وما ذكره المحب الطبري يخالف ما أدركنا عليه أهل مكة، فإنهم يخرجون من مكة في اليوم السادس عشر من ذي القعدة، ويقيمون اليوم السابع عشر بالجعرانة، ويصلون المغرب بها ليلة الثامن عشر، ويحرمون ويتوجهون إلى مكة، وهو يلائم ما ذكره الواقدي، إلا أن في بعض السنين يحصل للناس خوف فيخرجون من الجعرانة محرمين قبل الغروب من اليوم السابع عشر، وربما خرجوا منها قبل صلاة العصر، وما ذكره الواقدي في تاريخ عمرة النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة هو المعروف.
وذكر محمد بن سعد كاتب الواقدي خبرا ضعيفا يخالف ذلك، ونصه على ما ذكر الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمري في جوابه عن المسائل التي سأله عنها ابن أيبك الدمياطي: وقد ذكر ابن سعد قال: أخبرنا محمد بن سابق قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن عقبة مولى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم، ثم اعتمر منها، وذلك لليلتين بقيتا من شوال[2].
قال أبو الفتح المذكور: هذا والذي قبله ضعيف، والمعروف عند أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة، وأقام بها ثلاث عشرة ليلة، فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة ليلا، فأحرم بعمرة، ودخل مكة ... انتهى.
والجعرانة أفضل مواقيت العمرة من مكة، لإحرام النبي صلى الله عليه وسلم من هذ المكان، على مذهب مالك، والشافعي، وابن حنبل، وغيرهم من العلماء رضي الله عنهم.
واختلف في وسط العين والراء من الجعرانة، فقال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات": "الجعرانة بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء، هكذا صوابها عند إمامنا الشافعي، والأصمعي، وأهل اللغة، ومحققي المحدثين، وغيرهم، ومنهم من يكسر العين ويشدد الراء، وهو قول عبد الله بن وهب وأكثر المحدثين، قال صاحب مطالع الأنوار، أصحاب الحديث يشددونها، وأهل الإتقان والأدب يخطوئنهم ويخففونها، وكلاهما صواب، حكى إسماعيل القاضي عن علي بن المديني قال: أهل المدينة يثقلونها ويثقلون الحديبية، وأهل العراق يخففونهما[3] ... انتهى باختصار. [1] القرى "ص: 99". [2] عيون الأثر لابن سيد الناس 2/ 280. [3] تهذيب الأسماء: "ص: 58، 59" وفيه "يخففونهما".
نام کتاب : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام نویسنده : التقي الفاسي جلد : 1 صفحه : 385