نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 669
وزعماء البيوتات الكبيرة، وشعروا بما نالهم على يده من ضروب الإهانة والنيل؛ وأحاط هذا الوزير المستبد الماجن الخليفة برجاله، وأبعد عنه الصحب وذوي الحجي، ودفعه بالرغم من شيخوخته، إلى تيار الشراب والمجون، حتى ساءت الأمور إلى الذروة، وفقدت الخلافة والحكومة، كل عطف هيبة، وتهامس الناس في وجوب إزالة هذه الحالة، والتخلص من أوزارها وعواقبها. والتفت جماعة الناقمين حول فتى من أبناء عمومة هشام، هو أمية بن عبد الرحمن العراقي، من أحفاد الناصر، وكان فتى شديد التهور والجهالة، ولكن بعيد الأطماع؛ وفي ذات يوم تربصت تلك الجماعة الناقمة بالوزير حكم بن سعيد وفتكت به، وطافت برأسه في المدينة، وتركوا جثته في العراء (ذو القعدة سنة 422 هـ - نوفمبر سنة 1031 م). ثم سار أمية في جموعه إلى القصر، والخليفة هشام عاكف على شرابه ونسائه، فنهبت العامة بعض أجنحة القصر، ولولا أن زجرهم الوزير الشيخ ابن جهور ونصحهم بالكف عنه، لما أبقوا على شىء. وخشي هشام المعتد على نفسه، فبادر إلى الخروج من القصر مع ولده ونسائه، وهو يناشد الجماعة أن يحقنوا دمه، ولجأ إلى ساباط الجامع واجتمع رأي الناس جميعاً كباراً وصغاراً على خلعه، والتخلص جملة من بني أمية، وإبطال رسم الخلافة، وعلى نفي بني أمية وإجلائهم جميعاً عن المدينة، وكان رائد الجماعة وناصحهم في ذلك أبو الحزم ابن جهور، وكان هذا الوزير النابه يستأثر نظراً لماضيه التالد، وأسرته العريقة، ورأيه الناضج، بمحبة الشعب وثقته وتأييده، وسنرى فيما بعد أي دور خطير يلعبه ابن جهور في مصاير قرطبة.
وانتهى القوم إلى خلع هشام المعتد، وإبعاده وأهله إلى أحد الحصون القريبة، ثم غادره بعد أيام قلائل، وسار إلى الثغر، حيث التجأ إلى سليمان بن هود صاحب لاردة من أعمال الثغر الأعلى، وقضى هنالك بقية أيامه حتى توفي في سنة 428 هـ دون عقب؛ وأبعد أمية بن عبد الرحمن عن القصر، وكان يهجس بتولي كرسي الخلافة مكان المعتد، فلما رأى وعيد القوم، اختفى وغادر قرطبة إلى حيث لا يعلم أحد. ونودي في سائر أحياء قرطبة وأرباضها بأن لا يبقى بها أحد من بني أمية، ولا يأويهم أحد، وتولى ابن جهور تنفيذ هذا الأمر بمنتهى الحزم، حتى أجلاهم عن المدينة ومحا رسومهم [1]. [1] راجع البيان المغرب ج 3 ص 145 - 152؛ وأعمال الأعلام ص 138 - 140.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 669