نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 252
عبد الرحمن الداخل [1]. ولكن الظاهر أنه لم يرتب بصورة ثابتة وتحدد اختصاصاته إلا في عهد الحكم.
وكان عصر الحكم، بالرغم مما غشيه من الاضطرابات والفتن، عصراً ازدهرت فيه الآداب والعلوم، وظهر فيه عدد جم من أكابر الكتاب والشعراء والعلماء. وكان في مقدمتهم شاعر الحكم الأثير لديه، وقطب الشعر في عصره، عباس بن ناصح الثقفي الجزيري، وكان فضلا عن براعته في الشعر والأدب، بارعاً في علوم اللغة، وفي الهندسة والفلسفة والفلك، وكانت له منزلة خاصة عند الحكم، وله في مديحه أشعار كثيرة. وقد ولاه الحكم قضاء الجزيره بلده ومسقط رأسه، ثم وليه من بعده ولده عبد الوهاب بن عباس، وكان مثله شإعراً نابهاً، وتوفي أواخر عهد الحكم [2].
وكان من أعلام عصر الحكم أبو القاسم عباس بن فرناس، وهو فيلسوف وعلامة رياضي من نوع فذ، وقد ولد في مقاطعة تاكرنا من أصل بربري، وبرع منذ فتوته في الفلسفة والفلك والكيمياء الصناعية، وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وبرع أيضاً في الموسيقى، وصنع آلة فلكية تعرف " بالميقاتة " لتعريف الوقت، وله مخترعات كثيرة أخرى. وروى بعضهم أنه حاول أن يخترع أداة للطيران، فصنع لنفسه جناحين بهيئة مخصوصة، وحاول الطيران من ناحية الرُّصافة، فحلق في الهواء، ثم وقع في مكان طيرانه على مسافة بعيدة، واشتهر أمره بذلك حتى قال فيه مؤمن بن سعيد الشاعر:
يطم على العنقاء في طيرانها ... إذا ما كسى جثمانه ريش قشعم
وذكر عبد الحميد بن بسيل الوزير، قال: " أبدع عباس بن فرناس طول أمده إبداعات لطيفة واختراعات عجيبه، وضرب بالعود، وصاغ الألحان الحسنة، وكان مع ذلك مجيداً للشعر، حسن التصرف في طريقته، كثير المحاسن جم الفوائد ". وأثار ابن فرناس باختراعاته المدهشة ريب الجهلاء، فكثر الطعن في عقيدته، واتهم بالزندقة، ولكن القضاء لم يجد سبيلا إلى إدانته، وعاش طويلا وعاصر من بعد الحكم، ولده عبد الرحمن، وتوفي في عهد حفيده الأمير محمد بن [1] ابن القوطية ص 38. ويقول إن أول من تولى " القماسة " هو ارطباس ابن وتيزا. [2] مخطوط ابن حيان ص 128 و129. وراجع تاريخ العلماء والرواة لابن الفرضي رقم 881 (طبع مصر ص 340).
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 252