نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 383
الفصل الثالث عشر: المدينة المنورة
مدخل
... الفصل الثالث عشر: المدينة المنورة
المدينة المنورة، ثاني مدن الحجاز بعد مكة دون ريب، ودار الهجرة التي نصرت الإسلام، وأعزت كلمة المسلمين، فاستحقت التكريم والتخليد حتى يقوم الناس لرب العالمين، ثم شاءت إرادة الكريم المنان ذي الفضل العظيم-أن تعطي المدينة ما لم تعطه لغيرها من المدائن، وأن تخصها بميزة لا تتطاول إليها واحدة من مدن الدنيا، حيث شرفت بأن تضم في ثراها جثمان سيد الأولين والآخرين، جدنا ومولانا وسيدنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
هذا إلى أن بالمدينة المنورة ثاني الحرمين الشريفين، فضلا عن أنها البلد الذي اختاره الله، ليكون أول عاصمة إسلامية في التاريخ، تخرج منها جيوش النور، تحمل راية الإسلام، وهداية القرآن، إلى جميع أنحاء المعمورة، فتنشر التوحيد والحب والعدل والإخاء والمساواة، ومن ثم فقد كانت وما زالت -وسوف تظل أبد الدهر إن شاء الله- قلوب المؤمنين في كل أنحاء الدنيا تنبض بحب المدينة، وتهفو إلى زيارتها، وتتعبد إلى الله في مسجدها، وتنعم بالصلاة في روضته الشريفة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها.
هذا وقد حبت الطبيعة المدينة المقدسة[1] بمزايا لم تعرفها مكة المكرمة، من طيب الهواء وجودة التربة، كما أنها لم تكن على طريق القوافل التي تحمل الطيوب بين اليمن والشام فحسب، بل كانت واحة حقيقية ذات تربة صالحة لزراعة النخيل، وهو كثير فيها، ومن ثم فقد أصبحت المدينة واحدة من أمهات المراكز الزراعية في بلاد العرب[2]. [1] كتب السمهودي في كتابه "وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" بابا كاملا من ستة عشر فصلا في فضائل المدينة، فليرجع إليه من يشاء "وفاء الوفا 1/ 19-109". [2] P.K. HITTI, HISTORY OF ARABS, P.104
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 383