نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 369
وحين يسأل عنها لا يتلقى جوابا، غير أن الرؤية تتكرر أياما ثلاثة، يؤمر فيها عبد المطلب بحفر "برة" ثم "المضنونة" ثم "زمزم"، وحين يسأل عبد المطلب عن "زمزم" يجيبه الهاتف "تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدًا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل"، وينجح عبد المطلب في حفر زمزم، غير أن قريشًا سرعان ما تطالب بحقها في زمزم، على أساس أنها بئر أبيهم إسماعيل، وإن انتهت الأمور إلى جانب عبد المطلب[1].
وعلي أي حال، فلقد تميز عبد المطلب -جد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بأريحة لا نستطيع أن نسميها إلا "بالمطلبية"، أريحية فريدة في نوعها، لا تدل إلا عليه ولا تصدر إلا منه، وكانت كلها مزيجا من الأنفة والكرم، والرصانة والاستقلال، ومواجهة الغيب على ثقة وصبر وأناة، وهناك طائفة من أخباره لا تفتقد في واحدة منها تلك المناقب المطلبية التي تعز على خيال المتخيل، ما لم يكن وراءها أصل تحكيه وترجع إليه، فعلى سبيل المثال يروي المؤرخون في حادث فداء ولده عبد الله، أن القداح بعد أن خرجت على الإبل -التي بلغ عددها مائة على رواية، وثلاثمائة على رواية أخرى- فإذا بعبد المطلب يأمر بذبحها، وحين تنحر تترك في الفضاء لا يمنع من لحمها إنس ولا وحش ولا طير، إلا أن يكون ذلك عبد المطلب وولده[2].
وهناك ما يشير إلى أن المنافرات بين البيتين -الهاشمي والأموي- قد استمرت، وذلك أمر لا غرابة فيه، فالبيتان -فيما نظن- على طرفي نقيض، وربما خفي [1] ابن الأثير 2/ 12-14، ابن كثير 2/ 244-248، تاريخ الطبري 2/ 251، الروض الأنف 1/ 80، 98، المقدسي 4/ 113-114، الطبقات الكبرى 1/ 49-50، أنساب الأشراف للبلاذري 1/ 78، سيرة النبي لابن هشام 1/ 151-158، تاريخ اليعقوبي 1/ 246-247، الأزرقي 2/ 42-47، تاريخ الخميس ص202-204، ياقوت 3/ 149، كتاب المناسك للحربي ص485. [2] العقاد: مطلع النور ص121-124، وانظر، شرح نهج البلاغة 1/ 88، وما بعدها، الطبقات الكبرى 1/ 50، 53-54، المقدسي 1/ 114-116، مروج الذهب 2/ 104، الأزرقي 2/ 43-44، 47-49، ابن الأثير 2/ 5-7، تاريخ الطبري 2/ 239-243، ابن كثير 2/ 248-249، تاريخ الخميس ص129، 206-207.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 369