فقالت: من أنتم؟ قالوا: أناس من العرب نلتمس المِيرَة. قالت: ذاكم صاحبكم، فادخلوا عليه. فلما دخلنا أغلقنا علينا وعليه الحجرة تَخَوّفاً أن يكن دونه مجاولة تحول بيننا وبينه. قال: فصاحت إمرأته فنوَّهت بنا فابتدرناه - وهو على فراشه - بأسيافنا، فوالله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه، كأنه قُبْطيّة ملقاة. قال: فلما صاحت بنا إمرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكفّ يده، ولولا ذلك لفرغنا منها بليل. قال: فلما ضربناه بأسيافنا تحمل عليه عبد الله بن أُنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول: قَطْني قَطْني - أي حَسْبي حَسْبي -. قال: وخرجنا - وكان عبد الله بن عتيك سيّىء البصر - فوقع من الدرجة، فوئئت يده وئئاً شديداً، وحملناه حتى نأتي به مَنْهَراً من عيونهم فندخل فيه. قال: فأوقدوا النيران واشتدوا في كل وجه يطلبوننا، حتى إذا يئسوا رجعوا إليه فاكتنفوه، وهو يقضي بينهم.
قال: فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أن عدوَّ الله قد مات؟ قال: فقال رجل منا: أنا أذهب فأنظر لكم، فانطلق حتى دخل في الناس. قال: فوجدتها - يعني إمرأته - ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح تنظر في وجهه وتحدِّثهم، وتقول: أما - والله - لقد سمعت صوت ابن عتيك ثم أكذبت نفسي وقلت: أنَّى ابن عتيك بهذه البلاد؟ ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه فقالت: فاظَ، وإله يهود فما سمعت كلمة كانت ألذّ على نفسي منها. قال: ثم جاءنا فأخبرنا، فاحتملنا صاحبنا وقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بقتل عدو الله، واختلفنا عنده في