مرة في أرض أقطعها النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سَلَمة، والزبير في أرض بني النضير. فخرج الزبير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا جار من اليهود، فذبح شاة فطُبخت، فوجدت ريحها فدخلني ما لم يدخلني من شيء قط، وأنا حامل بابنتي خديجة فلم أصبر. فانطلقت فدخلت على إمرأة اليهودي أقتبس منها ناراً لعلها تطعمني، وما بي من حاجة إلى النار. فلما شمِمتُ الريح ورأيته ازددت شرهاً فأطفأته، ثم جئت ثانياً أقتبس؛ ثم ثالثه؛ ثم قعدت أبكي وأدعو الله. فجاء زوج اليهودي فقال: أدخل عليكم أحد؟ قالت: العربية تقتبس ناراً قال: فلا آكل منها أبداً أو ترسلي إليها منها. فأرسل إليَّ بقَدحة - يعني غَرْفة -، لم يكن شيء في الأرض أعجب إليَّ من تلك الأُكلة كذا في الإِصابة. [قال الهيثمي: وفيه: ابن لهيعة، وحديثه حسن؛ وبقية رجاله رجال الصحيح - انتهى.
جوع عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم ما أصاب الصحابة من الجوع والقرّ ليلة الخندق
أخرج أبو نُعيم عن أبي جهاد رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال له ابنه: يا أبتاه، رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه والله، لو رأيته لفعلت وفعلت. فقال له أبوه: إتَّق الله وسدِّد، فوالذي نفسي بيده، لقد رأيتُنا معه ليلة الخندق وهو يقول: «من يذهب فيأتيَنا بخبرهم - جعله الله رفيقي يوم القيامة -؟» فما قام من الناس أحد من صميم ما بهم من الجوع والقر، حتى نادى في الثالثة: يا حذيفة. وأخرجه الدَوْلابي من هذا الوجه. كذا في الإِصابة. وسيأتي حديث حذيفة رضي الله عنه بطوله في تحمُّل القرِّ بمعناه.