وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت له: ما أكثرَ ما رأيتَ قريشاً أصبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم - وقد اجتمع أشرافهم في الحِجْر - فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرَّق جماعتنا، وسبّ آلهتنا. لقد صبرنا منه على أمر عظيم - أو كما قالوا -. قال: فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استقبل الركن، ثم مرّ بهم طائفاً بالبيت. فلما مرَّ بهم غمزوه ببعض ما يقول. قال: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى. فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى. فل مرَّ بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فقال: «أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفس محمد بيده، لقد جئتكم بالذَّبح» . فأخذتِ القومَ كلمتُه حتى ما منهم رجل إلا على رأسه طائر واقع، حتى إنَّ أشدهم فيه وضاءة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنَّه ليقول: إنصرف يا أبا القاسم، إنصرف راشداً. فوالله ما كنت جهولاً. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى إذا كان الغد إجتمعوا لي الحِجْر - وأنا معهم - فقال بعضهم لبعض؛ ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم منه، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه؟ فبينما هم في ذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأطافوا به يقولون: أنت الذي تقول كذا وكذا؟ - لما كان