نام کتاب : تجارب الأمم وتعاقب الهمم نویسنده : ابن مسكويه جلد : 1 صفحه : 262
فقالت بنو قريظة [1] حين أدّت إليهم الرسل:
- «إنّ الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود [278] لحقّ. ما يريد القوم إلّا أن يقاتلوا.
فإن وجدوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا [2] إلى بلادهم، وخلّوا بينكم وبين الرجل.» فأرسلوا إلى القوم:
- «إنّا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا.» وتخاذل القوم. واتّهم بعضهم بعضا، وذلك في زمن شات [3] وليال باردة كثيرة الرياح تطرح [4] أبنيتهم، وتكفأ [5] قدورهم. وضاق ذرع القوم وبلغ رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- اختلاف القوم وما هم فيه من الجهد. فدعا حذيفة بن اليمان، فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلا. فذهب حذيفة بن اليمان، حتّى دخل في القوم. قال حذيفة: فذهبت فرأيت من الرياح أمرا هائلا لا يقرّ لهم نارا ولا بناء.
فقام أبو سفيان ابن حرب، فقال:
- «يا معشر قريش، لينظر امرؤ جليسه.» قال: فبادرت وأخذت بيد الرجل الذي إلى جانبي، فقلت: «من أنت؟» قال:
«أنا فلان بن فلان.» ثم قال أبو سفيان:
- «إنكم يا قوم ما أصبحتم بدار مقام. لقد هلك الكراع [6] والخفّ، وأخلفتنا [279] بنو قريظة، وبلغنا عنهم ما نكره، ولقينا من الجهد والشدّة وهذه الريح ما [1] وفي الأصل: «بنو قريظ» وما أثبتناه يوافق مط. [2] مط: تشمّروا. [3] شتا اليوم، أو الشتاء: اشتدّ برده. [4] مط: طرح. [5] تكفأ: تقلب. [6] الكراع: الخيل.
نام کتاب : تجارب الأمم وتعاقب الهمم نویسنده : ابن مسكويه جلد : 1 صفحه : 262