نام کتاب : تاريخ مختصر الدول نویسنده : ابن العبري جلد : 1 صفحه : 44
وانما سمّي بذلك لأنه نطق بالعلوم والآداب المنسوبة الى عطارد. وفي السنة الثالثة من قمعه ملك اليهود رأى مناما راعت روحه منه واقتصّه على علماء بابل. فقالوا: هذا خطب عسير لا يكشفه للملك الا آلهة السماء الذين ليس مسكنهم مع الارضيين. فاحتدم صدره لذلك غيظا وتقدم الى اريوخ صاحب شرطه بإهلاك المنجمين والسحرة واصحاب الرقي والزجر والفأل. فقال دانيال لاريوخ: مهلا اتئد ولا تقتل حكيما ولكن اوصلني الى الملك. فلما مثل بين يديه مثولا قال له: اقادر أنت على ان تخبرني بالرؤيا التي رأيت وتعبيرها. فأجابه دانيال قائلا: إله السماء والأرض هو الذي يبدي السرائر. وأنت ايها الملك رأيت صنما عظيما ذا منظر رائع رأسه من الذهب الابريز وصدره وذراعاه من فضة وبطنه وفخذاه من نحاس وساقاه حديد ورجلاه خزف [1] . ورأيت حجرا انقطع من غير قاطع وضرب رجلي الصنم فهشمها هشما شديدا. فهذه الرؤيا. واما التعبير فأنت رأس الذهب بما منحك الله ملكا عزيزا وكرامة وجلالة. ويقوم بعدك ملك يكون دونك في العزّة. والثالث الممثّل بالنحاس يكون دون الثاني. والرابع الممثّل بالحديد دون الثالث فيهشم ويدقّ كثيرا من مجاوريه. اما الأرجل والأصابع التي من حديد وخزف فدليل ممالك مختلفة قوية وواهية. واما الحجر المنقطع من جبل من غير يد قاطعة فدليل ملك روحاني مبيد كل معبود سوى الواحد الحقّ يظهر في آخر الأيام. فخرّ بختنصر ساجدا لدانيال وأعطاه الألطاف والهدايا ورأسّه على جميع حكماء بابل. وولّى أعمامه حننيا وعزريا وميشائل امر مدينة بابل وسمّاهم بأسماء نبطيّة اعني شدراخ وميشاخ وعبدناغو.
ثم اتّخذ بختنصر صنما من ذهب طوله ستون ذراعا في عرض ستة اذرع. وتقدم الى جميع عظماء دولته ان يوافوا عيد الصنم. وانهم إذا سمعوا صوت القرن وباقي انواع الزمر يخرّون سجّدا للصنم. فامتثل الجميع امره ما عدا حننيا وعزريا وميشائل. فسعى بهم قوم الى بختنصر انهم لا يعتدّون بأمره. فاستشاط من ذلك غضبا وامر ان يسجر الآتون فوق ما كان يسجر سبعة أضعاف الوقود وان يكتّفوا [2] بسراويلهم وقلانيسهم وبرانسهم وباقي ثيابهم ويزجّوا في اتون النار. فلما فعل بهم ذلك أحرقت النار الذين سعوا بهم. فأما هم فمكثوا في النار ممجّدين لله وملاك الطلّ نزل عليهم وامال عنهم لهيب النار فلم تنك فيهم ولا في ثيابهم ولا في لباسهم. فلما شاهد الملك ذلك بهت تعجبا وقال: ارى الرابع منهم شبيه المنظر ببني الآلهة يعني الملاك. وناداهم بأسمائهم قائلا: يا عباد الله العليّ اخرجوا.
[1-) ] ر رجلاء حديد وخزف.
[2-) ] يكتّفوا ر يكفتوا.
نام کتاب : تاريخ مختصر الدول نویسنده : ابن العبري جلد : 1 صفحه : 44