نام کتاب : تاريخ العرب القديم نویسنده : توفيق برو جلد : 1 صفحه : 93
وياقوت الحموي، إذ تحدثوا عن الأمكنة التي كانت توجد فيها كل هذه المعادن بكثرة.
وقد تحدث المؤرخون عن وجود معدن ثمين هو "البقران" الذي يميز منه نوع يقال له: "المثلث" ذلك أن له وجهًا أحمر فوق عرق أبيض فوق عرق أسود، ويكثر وجوده بالقرب من صنعاء1. ولذلك فإن عرب اليمن قد اهتموا باستخراج هذه المعادن، وامتهن كثير منهم صناعة التعدين، وأهم ما كان يخرج من بين أيدي صناعهم السيوف التي أخذت شهرة صناعتها اليمنية تعم الآفاق، فإذا امتدح أحدهم سيفًا قال: إنه "كالسيف اليماني". ولا يضاهي هذه الصناعة شهرة سوى صناعة "البرد اليمنية" التي كانوا يستوردون مادتها الحريرية الخام من الهند وينسجونها في بلادهم.
ومن الصناعات التي اشتهر بها اليمنيون دبغ الجلود وصنع التروس والدروع السميكة منها. كما انفردوا بصناعة جعلوها احتكارًا لهم، لا يشاركهم فيها أحد، هي تحضير البخور واللبان والطيوب بحيث نسجوا حول تدارك موادها الأولية بعض الخرافات؛ كي يوفروا لأنفسهم الحماية من منافسة الأجانب في الحصول عليها، كمثل ما رواه المؤرخ اليوناني "هيرودوت" عن كيفية اجتناء البخور بحرق صمغ يسمى الميعة لتنفير الحيات الطائرة التي تأوي إلى أشجاره، وعن كيفية اجتناء القرفة التي زعموا أنها تنبت في بحيرة قليلة المياه تسرح حولها حيوانات كالخفافيش، تصيح صياحا هائلا وهي شديدة الأذى؛ مما يضطرهم إلى تغطية أبدانهم ووجوهم ما عدا الحدق بجلود الثيران والماعز لاتقاء أذاها، فنقل "هيرودوت" هذه الأوهام وكأنها حقيقة واقعة.
العمران وإنشاء المدن:
لقد دلت الاكتشافات الحديثة أن عرب الجنوب اليمني قد بنوا مدنا كثيرة، درست معالم معظمها، ولم تبق إلا أنقاض بعضها مثل: معين ومأرب ويثيل "براقش" وظفار وشبوة وغيرها، وقد ذكر شعراء العرب عشرات منها في أشعارهم، ووصفوا بعضها في قصائدهم وتغنوا بجمالها. ويبدو أن اليمنيين كانوا يبنون مدنهم على مرتفعات التماسًا للطافة الجو، وتحاشيًا لأخطار السيول، وفي الوقت نفسه ليحمي الأمراء الحضريون أنفسهم من
نام کتاب : تاريخ العرب القديم نویسنده : توفيق برو جلد : 1 صفحه : 93