نام کتاب : تاريخ العرب القديم نویسنده : توفيق برو جلد : 1 صفحه : 58
إلا أن بعض المحدثين قد ذهبوا إلى القول بأن هذا التقسيم إن هو إلا من صنع الأخباريين اليمنيين الذين أرادوا الحط من قدر خصومهم عرب الشمال بنفي العروبة الأصلية عنهم، وقد رد بعضهم سبب الخصومة والعداء إلى ما يكون عادة من نزاع بين البداوة والحضارة[1].
وأما قصة عدنان فيكتنفها الشك من جميع جوانبها؛ ذلك أن النسابين قد اختلفوا في نسبه اختلافًا كبيرًا، أضفى على حياته وشخصيته ظلالًا كثيفة من الغموض. لقد اختلفوا في عدد الآباء والأجداد الذين تعاقبوا بينه وبين إسماعيل، كما اختلفوا في طول المدة التي فصلت بينهما، لا سيما وأن أسماء من ذكروا من هؤلاء الآباء والجدود تبدو عليها المسحة الأعجمية؛ إذ إنها غريبة عن الأسماء العربية، ولا بد أن الأخباريين قد أخذوها من أهل الكتاب وقصصهم، بينما يلاحظ أن الأسماء التي وردت بعد عدنان من أولاد وذرارٍ هي أسماء عربية صحيحة، لا علاقة لها بالتوراة، ويبدو أن النسابين العرب لم يقتبسوها من روايات أهل الكتاب. [1] أحمد أمين: فجر الإسلام، ص6. نقد نظرية الأنساب:
لقد أبدى العلماء تحفظات شديدة على نظرية الأنساب العربية، وشكوا في صحتها، إذ ليس هناك من الأدلة العلمية الحاسمة ما يثبت صحة التقسيم الذي جاءت به، أو ما يدعو إلى الجزم ببطلانها. والانتقادات التي وجهوها إليها كثيرة؛ إذ عثروا على أدلة تناقض ما جاء في التقسيم، منها على سبيل المثال:
إن النسابين العرب قد بينوا أن سبأ هو حفيد قحطان جد عرب الجنوب، بينما يورد العلماء أدلة تشير إلى أن السبئيين كانوا في أول أمرهم يقطنون في شمالي شبه جزيرة العرب، ثم هاجروا إلى جنوبها، واستقروا في أرض اليمن حيث أقاموا حضارتهم المعروفة في التاريخ، خلافًا لحركة الهجرة التي كانت تدفع القبائل العربية الجنوبية نحو الشمال، بحيث شُوهد العديد منها منتشرًا في جهات الحجاز ونجد والبحرين عند ظهور الإسلام.
أما الانتقاد الشديد فهو الذي تناول مسألة قسمة العرب إلى جدين كبيرين:
نام کتاب : تاريخ العرب القديم نویسنده : توفيق برو جلد : 1 صفحه : 58