نام کتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية نویسنده : طقوش، محمد سهيل جلد : 1 صفحه : 55
والله لأن اتبع نبيًا من الحليفين أحب إلينا من أن نتبع قريشًا، وقد مات محمد وطليحة حي"[1]، والواقع أن هذه القبائل المضرية كانت تكره سيادة قريش.
ليس واضحًا ما دفع طليحة إلى التنبؤ، وربما كان للتنافس القبلي دور في ذلك بدليل قول عيينة بن حصن الذي أشرنا إليه، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة التنبؤ في بلاد العرب.
لم يدع طليحة العرب إلى العودة لعبادة الأصنام، كما لم يدع غيره من المتنبئين إلى العودة لعبادتها، والراجح أن مرد ذلك بأن النبي محمد قضى على الوثنية في الجزيرة العربية قضاء مبرمًا، واستقرت عقيدة التوحيد في النفوس بشكل جعل التفكير في العودة إلى عبادة الأصنام ضربًا من الهذيان، فدعا إلى أفكار لم يحفظ لنا التاريخ منها شيئًا يذكر[2]، وكل ما وصل إلينا، أنه أنكر الركوع والسجود في الصلاة، وقال: "إن الله لم يأمر أن تمرغوا وجوهكم في التراب، أو أن تقوسوا ظهوركم في الصلاة"، وقال أيضًا: "إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم، وقبح أدباركم شيئًا، فاذكروا الله أعفة قيامًا، فإن الرغوة فوق الصريح"[3]، وهذا تأثير نصراني، الراجح أن السبب في ندرة المعلومات يعود إلى أن المسلمين الأوائل لم يدونوا إلا ما كان يتوافق مع أحكام الدين الإسلامي، وأهملوا ما دون ذلك.
لقد حارب النبي انتشار ظاهرة التنبؤ في حياته، فكما أوعز إلى مقاومة الأسود العنسي، والتخلص منه إما غيلة وإما مصادمة، فقد وجه ضرار بن الأزور إلى عماله على بني أسد يأمرهم بالقيام على كل من ارتد، ونزل المسلمون واردات[4]، ونزل طليحة ومن معه سميراء[5]، وكانت كفة المسلمين هي الرجحة بفعل تواتر الأنباء على انتصاراتهم في غير منطقة، حتى هم ضرار بالسير إلى طليحة ومقابلته، ولقد سبقه أحد المسلمين يريد أن يتخلص من هذا المتنبئ، فضربه بالسلاح فأخطأه، وأسرع المحيطون به باستغلال هذه الحادثة، وأذاعوها بين الناس مدعين بأن السلاح لا يؤثر في نبيهم، وفي الوقت الذي كان فيه المسلمون يستعدون لمواجهة هذا الموقف، إذ جاءهم نعي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فاضطربوا وتناقص عددهم، وهرع الكثيرون منهم إلى طليحة يتابعونه ويؤيدونه[6]. [1] الطبري: ج3 ص257. [2] هيكل: ص130. [3] البلاذري: ص106. [4] واردات: موضع عن يسار طريق مكة، وأنت قاصدها، الحموي: ج5 ص347. [5] سميراء: منزل بطريق مكة، المصدر نفسه: ج3 ص255، 256. [6] الطبري: ج3 ص257.
نام کتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية نویسنده : طقوش، محمد سهيل جلد : 1 صفحه : 55