نام کتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية نویسنده : طقوش، محمد سهيل جلد : 1 صفحه : 44
بأسعار متدنية، فاستاءوا من هذا الوضع الاقتصادي السيئ، ومن المحتمل أن بعض القوى استغلت وضعهم هذا، ووجهتهم ضد السيطرة الفارسية.
وتحرك الفرس في اليمن للحفاظ على مكتسباتهم، فتحالفوا مع همدان التي كانت تمر بمرحلة تفكك، وقد جمعت الطرفين مصلحة مشتركة، ذلك أن الفرس أرادوا أن يعوضوا عن انقطاعهم عن الدولة الساسانية، وفي المقابل، أرادت همدان الاعتماد على قوة موالية لها لمواجهة قوة حمير المتزايدة، حيث إن توحيد همدان قد ينتزع من حمير ما كان معها من بطون همدان، بالإضافة إلى الأراضي التي خسرتها أمامها.
اجتمع باذان مع عمرو بن الحارث بن الحصين الشاكري البكيلي، وعمرو بن يزيد بن الربيع الحاشدي، واتفقوا على عقد حلف موجه ضد القبائل المحتشدة في مذاب بالجوف، والتي كانت تسعى لاستقطاب أطراف أخرى إلى جانبها. ومع أن نتيجة الاصطدام غير معروفة، إلا أن حالة التوتر قد استمرت بين همدان ومذحج، وانضمت مراد إلى هذه الأخيرة، وكانت بقيادة قيس بن هبيرة الذي يعرف أحيانًا بقيس بن عبد يغوت، وأحيانًا بقيس بن المكشوح[1]، ويعد هذا التوسع دليل نضج في تطور الأوضاع السياسية، وتعزيز موقف المعارضة اليمنية ضد الوجود الفارسي.
وطرأ في هذه الأثناء، تطور آخر على أوضاع اليمن، تمثل بامتداد الدولة الإسلامية باتجاه الجنوب بعد فتح مكة في عام "8هـ/ 630م"، فجاورت اليمن، وبدأ عمال النبي محمد يصلون إلى اليمن، يبشرون بالدين الجديد، كما أن وفودًا من أهل اليمن بدأت تتوجه نحو المدينة، لتعلن دخولها في الإسلام لتعود، ومعها عمال النبي[2].
كان لهذا التطور تأثيره على أوضاع اليمن السياسية والدينية، ذلك أن باذان اعتنق الإسلام بعد حادثة مقتل الإمبراطور الفارسي كسرى الثاني أبروبز على يد ابنه قباذ الثاني شيرويه، وتسلم هذا الأخير الحكم، وبخاصة أنه علم بهذه الأحداث، عن طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن تصل إليه من فارس، فاتجه إلى الاستفادة من الطرف الإسلامي في مقاومة قوى التحالف، واستمر في منصبه كعامل للنبي على اليمن بعد أن كان عامل الفرس عليها[3]. [1] البلاذري: ص114، الطبري: ج3 ص185-230. [2] الطبري: المصدر نفسه ص147. [3] الطبري: ج2 ص655، 656، ج3 ص227.
نام کتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية نویسنده : طقوش، محمد سهيل جلد : 1 صفحه : 44