الله. فقام فبايعه، ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليًّا فدعا به فجاء، فقال: قلت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وختنه على ابنته! أردت أن تشق عصا المسلمين، فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبايعه[1].
وقال ابن إسحاق في السيرة: حدثني الزهري قال: حدثني أنس بن مالك، قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله قد جمع أمركم على خيركم -صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين إذ هما في الغار- فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة، ثم تكلم أبو بكر وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم وليست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، ولا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
وأخرج أبو موسى بن عقبة في مغازيه، والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف قال: خطب أبو بكر، فقال: والله ما كنت حريصًا على الإمارة يومًا ولا ليلة قط، ولا كنت راغبًا فيها ولا سألتها الله سرًّا ولا علانية، ولكني أشفقت من الفتنة، ومالي في الإمارة من راحة، لقد قلدت أمرًا عظيمًا ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله، فقال علي والزبير: ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي بالناس وهو حي[2].
وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التميمي قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى عمر أبا عبيدة بن الجراح فقال: ابسط يدك لأبايعك، إنك أمين هذه الأمة على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أبو عبيدة لعمر: ما رأيت لك فهَّة قبلها منذ أسلمت! أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين؟! الفهَّة: ضعف الرأي[3].
وأخرج ابن سعد أيضًا عن محمد أن أبا بكر قال لعمر: ابسط يدك لأبايعك، فقال له عمر: أنت أفضل مني، فقال أبو بكر، أنت أقوى مني، ثم كرر ذلك، فقال عمر: فإن قوتي لك مع فضلك، فبايعه[4].
وأخرج أحمد عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر [1] أخرجه ابن سعد في الطبقات "169/2" والبيهقي في السنن "143/8". [2] أخرجه الحاكم في المستدرك "66/3". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. [3] أخرجه ابن سعد في الطبقات "168/2". [4] أخرجه ابن سعد في الطبقات "171/2".