وأخرج الخطيب عن أبي بكر بن عياش قال: أبو بكر الصديق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القرآن؛ لأن الله تعالى يقول: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِين} إلى قوله: {أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] فمن سماه صدّيقًا فليس يكذب وهم قالوا: يا خليفة رسول الله، قال ابن كثير: استنباط حسن.
وأخرج البيهقي عن الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق، وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرًا من أبي بكر فولوه رقابهم.
وأخرج أسد السنة في فضائله عن معاوية بن قرة: ما كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكون أن أبا بكر خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما كانوا يسمونه إلا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما كانوا يجتمعون على خطأ ولا ضلال.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله سيئ وقد رأى الصحابة أن يستخلفوا أبا بكر[1].
وأخرج الحاكم وصححه الذهبي عن مرة الطيب قال: جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي فقال: ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة وأذلها ذلاً؟ -يعني: أبا بكر- والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجالاً، قال: فقال علي: لطالما عاديت الإسلام وأهله يا أبا سفيان فلم يضره ذلك شيئًا، إنا وجدنا أبا بكر أهلاً لها[2].
فصل: في مبايعته رضي الله عنه
روى الشيخان أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطب الناس مرجعه من الحج، فقال في خطبته: قد بلغني أن فلانًا منكم يقول: لو مات عمر بايعت فلانًا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلته وتمت، ألا وإنها كانت كذلك، إلا أن الله وقى شرها، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن عليًّا والزبير ومن معهما تخلفوا في بيت فاطمة، وتخلفت الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم، فقالا: أين تريدون، يا معشر المهاجرين؟ قلت: نؤيد إخواننا من الأنصار، فقال: عليكم ألا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين؟ فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ قالوا: وجع، فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى [1] أخرجه الحاكم في المستدرك "79،78/3". وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. [2] أخرجه الحاكم في المستدرك "78/3" وسكت الحاكم، وقال الذهبي: سنده صحيح.