فقال: "إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بكر فإنه الخليفة من بعدي".
وأخرج مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه: "ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك، حتى أكتب كتابًا؛ فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" [1].
وأخرج أحمد وغيره من طرق عنها، وفي بعضها قالت: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي فيه مات: "ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه أحد بعدي"، ثم قال: "دعيه، معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر".
وأخرج مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت: من كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مستخلفًا لو استخلف؟ قالت: أبو بكر، قيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، قيل لها: ومن بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح[2].
وأخرج الشيخان عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- اشتد مرضه، فقال: "مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس" قالت عائشة: يا رسول الله، إنه رجل رقيق القلب، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، فقال: "مري أبا بكر فليصلِّ بالناس"، فعادت فقال: "مري أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف"، فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم[3].
هذا الحديث متواتر، وورد أيضًا من حديث عائشة، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن زمعة، وأبي سعيد، وعلي بن أبي طالب، وحفصة -رضي الله عنها- وقد سقت طرقهم في الأحاديث المتواترة.
وفي بعضها عن عائشة -رضي الله عنها- لقد راجعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبدًا، إلا أني كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا أن تشاءم الناس به، فأردت أن يعدل لذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أبي بكر.
وفي حديث ابن زمعة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصلاة وكان أبو بكر غائبًا فتقدم عمر فصلى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا، لا، لا يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر، يصل بالناس أبو بكر" [4].
وفي حديث ابن عمر: كبر عمر، فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- تكبيره فأطلع رأسه مغضبًا فقال: "أين ابن أبي قحافة؟ ".
قال العلماء: في هذا الحديث أوضح دلالة على أن الصديق أفضل الصحابة على الإطلاق، وأحقهم بالخلافة، وأولاهم بالإمامة. [1] أخرجه مسلم "2378/4". [2] أخرجه مسلم "2385/4". [3] أخرجه البخاري "678/2"، مسلم "420/1". [4] أخرجه أبو داود "4661/4".