responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 69
وَلَبَقِيَتِ الْحَبَشَةُ دَهْرًا. قَالَتْ: فَقَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا أَخَاهُ, فَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ, وَكَانَ لَبِيبًا حَازِمًا، فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ, فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ ذَلِكَ قَالَتْ: إِنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ يُمَلِّكَهُ بَعْدَهُ، وَلَئِنْ مُلِّكَ لَيَقْتُلَنَّا بِأَبِيهِ, فَمَشَوْا إِلَى عَمِّهِ, فَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الْفَتَى، وَإِمَّا أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا. فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! قَتَلْتُ أَبَاهُ بِالْأَمْسِ، وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟ بَلْ أُخْرِجُهُ. قالت: فَخَرَجُوا بِهِ فَبَاعُوهُ مِنْ تَاجِرٍ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ, فَانْطَلَقَ بِهِ فِي سَفِينَةٍ, فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ مِنْ سَحَائِبِ الْخَرِيفِ، فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ, فَفَزِعَتِ الْحَبَشَةُ إلى ولده، فإذا هو محمق ليس في وَلَدِهِ خَيْرٌ. فَمَرَجَ عَلَى الْحَبَشَةِ أَمْرَهُمْ وَضَاقَ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تعلمون وَاللَّهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُقِيمُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ لَلَّذِي بِعْتُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ وَطَلَبِ الَّذِي بَاعُوهُ مِنْهُ، حَتَّى أَدْرَكُوهُ فَأَخَذُوهُ مِنْهُ, ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَعَقَدُوا عَلَيْهِ التَّاجَ وَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ, فَجَاءَ التَّاجِرُ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تُعْطُونِي مَالِي وَإِمَّا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالُوا: لَا نُعْطِيكَ شَيْئًا. قَالَ: إِذَنْ وَاللَّهِ أُكَلِّمُهُ. قَالُوا: فَدُونَكَ. فَجَاءَهُ فَجَلَسَ بيديه، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، ابْتَعْتُ غُلَامًا مِنْ قَوْمٍ بِالسُّوقِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ، حَتَّى إِذَا سِرْتُ بِهِ أَدْرَكُونِي، فَأَخَذُوهُ وَمَنَعُونِي دَرَاهِمِي. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: لَتُعْطِنَّهُ غُلَامَهُ أَوْ دَرَاهِمَهُ. قَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ دَرَاهِمَهُ.
قَالَتْ: فَلِذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رِشْوَةً حِينَ رَدَّ عَلِيَّ مُلْكِي، فَآخُذُ الرِّشْوَةَ فِيهِ.
وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خُبِرَ مِنْ صَلَابَتِهِ فِي دِينِهِ وَعَدْلِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كَانَ يُتَحَدَّثُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ[1].
قَالَ: وَحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْحَبَشَةُ فَقَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّكَ فَارَقْتَ دِينَنَا.
وَخَرَجُوا عَلَيْهِ. فَأَرْسَلَ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ. فَهَيَّأَ لَهُمْ سُفُنًا، وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا، وَكُونُوا كَمَا أَنْتُمْ، فَإِنْ هُزِمْتُ فَامْضُوا حَتَّى تَلْحَقُوا بِحَيْثُ شئتم، وإن ظفرت فاثبتوا.

1 "رجاله ثقات": إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق قاله الأرناؤوط في تخريجه لأحاديث "سير أعلام النبلاء" "1/ 430".
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست