responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 20
فَلَمَّا بَلَغَ عُتبَةَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ. قَالَ: سَيَعْلَمُ مُصَفِّرٌ أُسْتَهُ[1] مَنِ انْتَفَخَ سَحْرُهُ. ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بَيْضَةً لِرَأْسِهِ، فَمَا وَجَدَ فِي الْجَيْشِ بَيْضَةً تَسَعُهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ، فَاعْتَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْدٍ لَهُ.
وَخَرَجَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ -وَكَانَ شَرِسًا سَيِّئَ الْخُلُقِ- فَقَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ لأشربن مِنْ حَوْضِهِمْ أَوْ لَأَهْدِمَنَّهُ أَوْ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ. وَأَتَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَالْتَقَيَا فَضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَقَطَعَ سَاقَهُ، وَهُوَ دُونَ الْحَوْضِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخَبُ رِجْلُهُ دَمًا, ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ فِيهِ لِيَبِرَّ يَمِينَهُ، وَاتَّبَعَهُ حَمْزَةُ فَقَتَلَهُ فِي الْحَوْضِ.
ثُمَّ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ خَرَجَ لِلْمُبَارَزَةِ بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبَةَ، وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَدَعَوْا لِلْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَوْفٌ وَمُعَوَّذٌ ابْنَا عَفْرَاءَ وَآخَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: مِنَ الْأَنْصَارِ.
قَالُوا: مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ، لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا أَكَفَّاؤُنَا مِنْ قَوْمِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ، وَيَا حَمْزَةُ، وَيَا عَلِيُّ". فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ. فَتَسَمَّوْا لَهُمْ, فَقَالَ: أَكْفَاءٌ كِرَامٌ. فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ -وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ- عُتْبَةُ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ.
فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ, وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلِ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ, وَاخْتَلَفَ عُتْبَةُ وَعُبَيْدَةُ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ: كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ, وَكَرَّ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ عَلَى عُتْبَةَ فَدَفَّفَا عَلَيْهِ[2], وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ إِلَى أَصْحَابِهِمَا.
ثُمَّ تَزَاحَفَ الْجَمْعَانِ, وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ أَنْ لَا يَحْمِلُوا حَتَّى يَأْمُرَهُمْ وَقَالَ: "انْضَحُوهُمْ عَنْكُمْ بِالنَّبْلِ". وَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي العريش، معه أَبُو بَكْرٍ. وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ, ثُمَّ عَدَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّفُوفَ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ إِلَى الْعَرِيشِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَطْ. فَجَعَلَ يناشد ربه ويقول: "يا رب إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ الْيَوْمَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ". وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبِّكَ, فَإِنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لك ما وعدك. ثم خفق -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَبَهَ وَقَالَ: "أَبْشِرْ يا أبا بكر!

[1] است الإنسان: مقعدته.
[2] دف الطائر: دفًّا، ودفيفًا: ضرب جنبيه بجناحيه، أو حرك جناحيه ورجلاه في الأرض.
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست