نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 17 صفحه : 212
والتشاغل بالعلم. بلغنا أن الشافعي قَالَ: لَيْسَ فِي أصحابي أعلمُ من البويطي. قَالَ إمام الأئمة ابن خُزَيْمة: كَانَ ابن عَبْد الحكم أعلم من رأيت بِمذهب مالك، فوقعت بينه وبين البويطي وحشة عِنْدَ موت الشافعي، فحدثني أَبُو جَعْفَر السُّكري قَالَ: تَنَازعَ ابن عَبْد الحكم والبويطي مجلس الشّافعيّ، فقال البُوَيْطيّ: أَنَا أحقُّ بِهِ منك. وقال الآخر كذلك.
فجاء الحميدي، وكان تِلْكَ الأيام بِمصر، فقال: قَالَ الشّافعيّ: لَيْسَ أحدٌ أحقّ بمجلسي من يوسف، وليس أحد من أصحابي أعلمُ منه. فقال لَهُ ابن عَبْد الحكم: كذبتَ. قَالَ: كذبت أنت وأبوك وأُمُّك. وغضب ابنُ عَبْد الحكم، وجلس البويطي فِي مجلس الشافعيّ، وجلس ابن الحكم فِي الطاق الثالث. قَالَ زكريّا بْن أَحْمَد البلخي: نا أَبُو جَعْفَر محمد بْن أَحْمَد التِّرْمِذِيّ: ثنا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: كَانَ البويطي حين مرض الشافعيّ بمصر هُوَ وابن عَبْد الحكم، والمزني، فاختلفوا فِي الحلقة أيُّهم يقعدُ فيها؟ فبلغ الشافعيّ فقال: الحلقة للبويطي فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم وأصحابه. وكانت أعظمُ حلقة فِي المسجد، والناس إِلَيْهِ فِي الفُتْيَا والسُّلطان إِلَيْهِ. فكان أَبُو يعقوب البويطي يصوم ويقرأ القرآن، ولا يكاد يمر يوم وليلة إلا وختم. مَعَ صنائع المعروف إلى النّاس. قَالَ: فسَعَى بِهِ، وكان أَبُو بَكْر الأصمّ من سَعى بِهِ، لَيْسَ هُوَ بابن كَيْسَان الأصمّ.
وكان أصحاب ابن أَبِي دُؤاد وابن الشافعيّ ممن سعى بِهِ، حتى كتب فِيهِ ابن أَبِي دُؤاد إلى والي مِصْرَ، فامتحنه، فلم يُجِب. وكان الوالي حَسَن الرأي فِيهِ. فقال: قل فيما بيني وبينك. قال: إنه يفتدى بي مائة ألف، ولا يدرون المعنى. قَالَ: وكان قد أُمر أن يُحمل إلى بغداد فِي أربعين رطل حديد. قَالَ الربيع: وكان المزنيّ ممن سَعَى بِهِ، وحَرْمَلة. قَالَ أَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ: فحدثني الثقة عَنِ البويطي أَنَّهُ قال: بريء الناسُ من دمي إلا ثلاثة: حَرْمَلَةُ، والمزني، وآخر. وقال الربيع: كَانَ البويطي أبدًا يحرك شفتيه بذكر اللَّه. ما أبصرتُ أحدًا أنْزَعَ لِحُجَّةٍ من كتاب اللَّه من البويطيّ. ولقد رَأَيْته عَلَى بَغْلٍ فِي عُنقه غِلّ، وفي رجليه قَيْد. وبين الغل والقيد سلسلة حديد، وهو يَقُولُ: إنّما خَلَق اللَّه الخلق بِكُنَّ. فإذا كانت مخلوقة، فكأن مخلوقًا خُلِقَ بِمخلوق. ولئن أدخلت عَلَيْهِ لأصدِّقَنه، يعني الواثق، ولأموتَنّ فِي حديدي هذا، حتى يأتي قومٌ يعلمون أَنَّهُ قد مات فِي هذا الشأن قومٌ فِي حديدهم. وقال الربيع أيضًا: كتب إلى
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ط التوفيقية نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 17 صفحه : 212