نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 47 صفحه : 357
الأمراض، وزُيّنت بلادُه، وبعث إليها الطُّوَاشيّ بدرَ الدّين الصّوابيّ نائبا، وقدِم عَلَيْهِ آلُ النّاصر دَاوُد فبالغ فِي إكرامهم وأقطعهم أجنادا جليلة.
إلى أن قَالَ ابن واصل فِي سيرة الصّالح: وكان مَهِيبًا، عزيز النّفْس، أَبِيَّها، عالِيَها، حَيِّيًا، عفيفا، طاهرَ اللّسان والذّيل، لا يرى الهزْل والعَبَث، شديد الوقار، كثير الصّمت. اشترى من المماليك التُّرْك ما لم يشتره أحدٌ من أهل بيته، حتّى صاروا مُعظم عسكره، ورجّحهم عَلَى الأكراد وأمّرهم، واشترى وهو بمصر خلْقًا منهم وجعلهم بِطانته والمحيطين بدِهليزه وسمّاهم [1] البحريّة [2] .
حكى لي حسام الدّين ابن أَبِي عَلِيّ أنّ هَؤُلاءِ المماليك مَعَ فَرْط جبروتهم وسطْوتهم كانوا أبلغ مَن يعظّم هيبة السّلطان، فكان إذا خرج وشاهدوا صورته يرعدون خوفا منه، وَأَنَّهُ لم يقع منه فِي حال غضبه كلمةٌ قبيحةٌ قطّ، أكثر ما يَقْولُ إذا شَتَم: يا متخلّف.
وكان كثير الباه لجواريه فقط، ولم يكن عنده فِي آخر وقتٍ غير زوجتين، إحداهما شَجَر الدُّرّ، والأخرى بِنْت العالمة تزوّجها بعد مملوكه الْجُوكنْدار.
وكان إذا سَمِعَ الغناء لا يتزعزع ولا يتحرّك، وكذلك الحاضرون يلتزمون حالته كأنّما عَلَى رءوسهم الطَّير. وكان لا يستقلّ أحدٌ من أرباب دولته بأمرٍ، بل يراجعون بالقَصَص مَعَ الخُدّام، فيوقِّع عليها بما يعتمده كِتاب الإنشاء.
وكان يحبّ أهلَ الفضل والدّين، وما كَانَ لَهُ مَيلٌ إلى مطالعة الكُتُب.
وكان كثير العزْلة والانفراد.
قَالَ ابن واصل: كَانَ لا يجتمع بالفُضَلاء لأنّه لم يكن لَهُ مشاركةٌ بخلاف أَبِيهِ، وكان اجتماعه بالنّاس قليلا، بل كَانَ يقتصر عَلَى نُدمائه المعروفين بحضور مجلسه. وكان لَهُ نهمة فِي اللَّعِب بالصَّوَالجة، وفي إنشاء الأبنية العظيمة الفاخرة. [1] في الأصل: «وسماعهم» وهو خطأ. [2] سير أعلام النبلاء 23/ 191، 192.
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين جلد : 47 صفحه : 357