responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 42  صفحه : 33
وممّا شاع أيضا نبْش القبور، وأكل الموتى، فأخبرني تاجر مأمون حين ورد من الإسكندريّة بكثرة ما عاين لها من ذلك، يعني من أكل بْني آدم، وأنّه عاينَ خمس أرؤس صغار مطبوخة فِي قدْر. وهذا المقدار كافٍ، واعتقد أنّي قد قصّرت.
وأمّا موت الفقراء جوعا فشيءٌ لا يعلمه إلّا اللَّه تعالى، فالّذي شاهدنا بالقاهرة ومصر وهو أنّ الماشي لا يزال يقع قدمه أو بصره على ميّت، أو مَن هُوَ فِي السّياق، وكان يُرفع من القاهرة كلّ يوم من المَيْضَأة ما بين مائة إلى خمسمائة.
وأمّا مصر فليس لموتاها عدد، يُرْمَون ولا يُوارَون، ثمّ عجزوا عن رميهم، فبقوا فِي الأسواق والدّكاكين.
وأمّا الضّواحي والقرى، فهلك أهلها قاطبة إلّا من شاء اللَّه. والمسافر يمرّ بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار، وتجد البيوت مفتَّحَة وأهلها موتى. حدَّثني بِذَلِك غير واحد.
وقال لي بعضهم إنّه مرّ ببلدٍ ذكرنا أنّ فيها أربعمائة نَوْل للحياكة، فوجدناها خرابا، وأنّ الحائك فِي جورة حياكته ميّت، وأهله موتى حوله، فحضرني قوله تعالى: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ 36: 29 [1] قال: ثمّ انتقلنا إِلَى بلدٍ آخر، فوجدناه ليس به أنيس، واحتجنا إِلَى الإقامة به لأجل الزّراعة، فاستأجرنا من ينقل الموتى ممّا حولنا إِلَى النَّيل، كلّ عشرة بدرهم. وخُبِّرت عن صيادٍ بفُوهة تِنِّيس أَنَّهُ مرّ به في بعض يوم اربعمائة آدميّ يقذف بهم النّيل إِلَى البحر. وأمّا أَنَا فمررت على النّيل، فمرّ بي فِي ساعة نحو عشرة موتى.
وأمّا طريق الشّام فصارت منزرعة ببني آدم، وعادت مأدبة بلحومهم للطّير والسِّباع. وكثيرا ما كَانَت المرأة تتخلّص من صبيتها في الزّحام،

[1] سورة يس، الآية 29.
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 42  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست