responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 39  صفحه : 337
وسمعت شيخنا أَبَا الفضل بْن بُنَيْمان الأديب بهَمَذَان يَقُولُ: رَأَيْت الحافظ أَبَا العلاء فِي مسجدٍ من مساجد بغداد يكتب وهُوَ قائم عَلَى رِجْلَيه، لأنّ السِّراج كَانَ عاليا. ثُمَّ نشر اللَّه ذِكْره فِي الآفاق، وعظُم شأنه فِي قلوب الملوك وأرباب المناصب والعوامّ، حَتَّى إنّه كَانَ يمرّ فِي هَمَذَان فلا يبقى أحد رآه إِلَّا قام ودعا لَهُ، حَتَّى الصّبيان واليهود. حَتَّى إنّه كَانَ فِي بعض الأحايين يمضي إلى مُشْكان، بلدةٍ فِي ناحية هَمَذَان، ليصلّي بها الجمعة، فكان يتلقّاه أهلُها خارج البلد، المسلمون عَلَى حِدَة، واليهود عَلَى حِدَة، يدعون لَهُ إلى أن يدخل البلد.
وكان يفتح عَلَيْهِ من الدُّنيا جُمَلٌ، فلم يدِّخِرْها، بل كَانَ ينفقها عَلَى تلامذته، حَتَّى إنّه ما كَانَ يكون عنده متعلِّم إِلَّا رتَّب لَهُ دفقا يصل إِلَيْهِ، وإذا قصده أحدٌ يطلب بِرّه وصله بما يجد إِلَيْهِ من السّبيل من مالِه وجاهه، ويتديّن لَهُ.
وكانت عَلَيْهِ رسومٌ لأقوام فِي كلّ سنة يبعثها إلى مَكَّة، وبغداد، وغيرهما. وما كَانَ يبرح عَلَيْهِ ألف دينار هَمَذانيَّة أو أكثر من الدَّيْن، مَعَ كثرة ما كَانَ يُفْتَح عَلَيْهِ.
وكان يطلب لأصحابه من النَّاس، ويعزّ أصحابَه ومن يلوذ بِهِ، ولا يحضر دعوة حَتَّى تحضر جماعة أصحابه.
وكان لا يأكل من أموال الظَّلَمة، ولا قبل منهم مدرسة [1] قطّ ولا رباطا، وإنّما كَانَ يُقرئ فِي داره، ونحن فِي مسجده، فكان يقرئ نصف نهاره الحديث، ونصفه القرآن والعِلْم. وكان لا يغشى السّلاطين، ولا تأخذه فِي اللَّه لومةُ لائم، ولا يمكّن أحدا أن يعمل فِي محلّته مُنْكَرًا ولا سماعا.
وكان ينزل كلّ إنسان منزلته، حَتَّى تألّفت القلوب عَلَى محبّته وحُسْن الذِّكْر لَهُ فِي الآفاق البعيدة. حَتَّى أهل خُوارزم، الّذين هُمْ من أشدّ النَّاس في الاعتزال

[1] في الأصل: «مدسة» .
نام کتاب : تاريخ الإسلام - ت تدمري نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 39  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست