responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 677
العفاريت، قدمت من أماريت [1] . وكأنما حشرت الجنّ والشّياطين، أو نشرت القهارمة [2] من الحكماء الأول والأساطين، جابوا لها الصّخر بالأذواد [3] لا بالواد، واستنزلوا صمّ الأطواد على مطايا الأعواد، ورفعوا سمكها إلى أقصى الآماد، على بعيد المهوى من العماد. وغشّوها من الوشي الأزهر، المضاعف الصّدف والمرمر، ومائع اللّجين الأبيض والذّهب الأحمر، بكلّ مسهّم الحواشي حالي الأبراد، وقدّروه مساجد للصّلوات والأذكار، ومقاعد للسّبحات [4] بالعشي والإبكار، ومجالس للتّلاوة والاستغفار، في الآصال والأسحار، وزوايا للتّخلّي عن ملاحظة الأسماع والأبصار، والتّعرّض للفتوح الرّبّانية والأنوار، ومدارس لقدح زناد الأفكار، ونتاج المعارف الأبكار، وصوغ اللّجين والنّضار، في محكّ القرائح والأبصار. تتفجّر ينابيع الحكمة في رياضه وبستانه، وتتفتّح أبواب الجنّة من غرفه وإيوانه، وتقتاد غرّ السّوابق من العلوم والحقائق، في طلق [5] ميدانه، ويصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح إلى الله من نواحي أركانه، وتوفّر الأجور لغاشيته محتسبة عند الله في ديوانه، راجحة في ميزانه.
ثم اختار لها من أئمة المذاهب الأربعة أعيانا، ومن شيوخ الحقائق الصّوفية فرسانا، تصفّح لهم أهل مملكته إنسانا إنسانا، وأشد بقدرهم عناية وإحسانا، ودفعهم إلى وظائفه توسّعا في مذاهب الخير وافتنانا. وعهد إليهم برياضة المريدين، وإفادة المستفيدين، احتسابا للَّه وقربانا، وتقيّلا [6] لمذاهب الملوك من قومه واستنانا، ثمّ نظمني معهم تطولا وامتنانا، ونعمة عظمت موقعا وجلّت شانا، وأنا وإن كنت لقصور البضاعة، متأخرا عن الجماعة، ولقعود الهمّة، عيالا على هؤلاء الأئمّة، فسمحهم يغطّي ويلحف، وبمواهب العفو والتّجاوز يمنح ويتحف. وإنما هي رحمة من مولانا السلطان- أيّده الله- خصّت كما عمّت، ووسمت أغفال النّكرة والإهمال وسمّت، وكملت بها مواهب عطفه وجبره وتمّت، وقد ينتظم الدرّ

[1] أماريت: جمع الجمع لمرت: وهي المفازة والقفر لا نبات فيه.
[2] القهارمة: جمع قهرمان، الوكيل أو أمين الدخل والخرج (قاموس) .
[3] الأذواد جمع ذود، وهو الجماعة من الإبل. لا يتجاوز عددها الثلاثين ولا يقلّ عن الثلاث.
[4] جمع سبحة: وهي التطوع في الدعاء والصلاة.
[5] الطلق: الشوط الواحد في جري الخيل، والغاية التي يجري اليها الفرس في السباق.
[6] بمعنى من تقيل أباه: أشبهه، وعمل عمله.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 677
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست