نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 211
محمد في إمارة بني توجين نحوا من عامين. وكان أهل مرات من أشدّ أهل وطنه شوكة وأقواهم غائلة، فحدّثته نفسه أن يستلحم مشيختهم ويريح نفسه من محاذرتهم، فأجمع لذلك ونزلها، ونذروا بشأنه ورأيه فيهم فاستماتوا جميعا وثاروا به فقاتلهم. ثم انهزم مثخنا بالجراحة وألجئوه إلى مهاوي الحصن فتردّى منها وهلك. وولي من بعده عمر ابن أخيه إسماعيل بن محمد مدّة أربعة أعوام، ثم غدر به أولاد عمّه زيان بن محمد فقتلوه وولّوا كبيرهم إبراهيم بن زيان وكان حسن الولاية عليهم، يقال: ما ولي بعد محمد فيهم مثله. وفي خلال هذه الولايات استغلظ عليهم بنو عبد الواد واشتدّت وطأة عثمان بن يغمراسن عليهم بعد مهلك أبيهم محمد، فنهض إليهم سنة ست وثمانين وستمائة وحاصرهم بجبل وانشريس وعاث في أوطانهم ونقل زروعها إلى مازونة حين غلب عليها مغراوة. ثم نازل حصن تافركينت وملكها بمداخلة القائد بها غالب الخصيّ مولى سيّد الناس بن محمد، وقفل إلى تلمسان. ثم نهض إلى أولاد سلامة بقلعة تاوغزوت، وامتنعوا عليه مرارا، ثم أعطوه اليد على الطاعة ومفارقة بني محمد بن عبد القوي فنبذوا لهم العهد، وصاروا إلى إيالة عثمان بن يغمراسن. وفرضوا لهم المغارم على بني يدللتن. وسلك عثمان بن يغمراسن مسلك التضريب بين قبائل بني توجين وتحريضهم على إبراهيم بن زيّان أميرهم، فعدا عليه زكراز [1] بن أعجمي شيخ بني مادون وقتله بالبطحاء في إحدى غزواته لسبعة أشهر من ملكه. وولي بعده موسى بن زرارة بن محمد بن عبد القوي، بايع له بنو تيغرين واختلف سائر بني توجين فأقام بعض سنة. وعثمان بن يغمراسن في خلال هذا يستألف بني توجين شعبا فشعبا إلى أن نهض إلى جبل وانشريس فملكه. وفرّ أمامه موسى بن زرارة إلى نواحي المدية وهلك في مفرّه ذلك. ثم نهض عثمان إلى المدية سنة ثمان وثمانين وستمائة بعدها فملكها بمداخلة المدية من قبائل صنهاجة، غدروا بأولاد عزيز وأمكنوه منها. ثم انتقضوا عليه لسبعة أشهر ورجعوا إلى إيالة أولاد عزيز، فصالحوا عثمان بن يوسف على الإتاوة والطاعة كما كانوا مع محمد بن عبد القوي وبنيه، فملك عثمان بن يغمراسن عامّة بلاد توجين. ثم شغل بما دهمه من مطالبة بني مرين أيام يوسف بن يعقوب، فولّى على بني توجين من بني محمد بن عبد القوي أبو بكر بن إبراهيم بن محمد مدّة [1] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: زكدان.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 211