نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 145
نواحي قسنطينة وانتهوا إلى بلد بونة ورجعوا. وفي سنة تسع وعشرين وسبعمائة بعدها وفد حمزة بن عمر على السلطان أبي تاشفين صريخا، ووفد معه أو بعده عبد الحق ابن عثمان، فحلّ الشول من بني مرين. وكان قد نزل على مولانا السلطان أبي يحيى منذ سنين، فسخط بعض أحواله ولحق بتلمسان، فبعث السلطان معهم جميع قوّاده بجيوشه لنظر يحيى بن موسى. ونصب عليهم محمد بن أبي بكر بن عمران من أعياص الحفصيّين، ولقيهم مولانا السلطان أبو يحيى بالدياس [1] من نواحي بلاد هوّارة، وانخزل عنه أحياء العرب من أولاد مهلهل الذين كانوا معه، وانكشفت جموعه واستولى على ظعائنه بما فيها من الحرم، وعلى ولديه أحمد وعمر، فبعثوا بهم إلى تلمسان، ولحق مولانا المنصور أبو يحيى بقسنطينة وقد أصابه بعض الجراحة في حومة الحرب، وسار يحيى بن موسى وابن أبي عمران إلى تونس، واستولوا عليها ورجع يحيى بن موسى عنهم بجموع زناتة لأربعين يوما من دخولها، فقفل إلى تلمسان وبلغ الخبر إلى مولانا السلطان أبي يحيى بقفول زناتة عنهم، فنهض إلى تونس وأجهض عنها ابن أبي عمران بعد أن كان أوفد من بجاية ابنه أبا زكريا يحيى ومعه محمد بن تافراكين من مشيخة الموحدين صريخا على أبي تاشفين، فكان ذلك داعية إلى انتقاض ملكه كما نذكره بعد. وداخل السلطان أبا تاشفين بعض أهل بجاية، ودلّوه على عورتها، واستقدموه فنهض إليها وحذر بذلك الحاجب ابن سيّد الناس فسابقه إليها، ودخل يوم نزوله عليها، وقتل من اتهمه بالمداخلة فانحسم الداء.
وأقلع السلطان أبو تاشفين عنها، وولّى عيسى بن مزروع من مشيخة بني عبد الواد على الجيش الّذي بتامزيزدكت، وأوعز إليه ببناء حصن أقرب إلى بجاية من تامزيزدكت فبناه بالياقونه من أعلى واد قبالة بجاية. فأخذ بمخنقها واشتدّ الحصار إلى أن أخذ السلطان أبو الحسن بحجزتهم، فأجفلوا جميعا إلى تلمسان، ونفس مخنق الحصار عن بجاية. ونهض مولانا السلطان أبو يحيى بجيوشه من تونس إلى تامزيزدكت سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة فخرّبها في ساعة من نهار كأن لم تغن بالأمس، حسبما ذكرنا ذلك في أخباره. والله تعالى أعلم. [1] وفي نسخة ثانية: الرياس.
ابن خلدون م 10 ج 7
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 145