نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 5 صفحه : 588
بيلقان وملكوها عنوة وافحشوا في القتل والمثلة واكتسحوا جميع الضاحية. ثم ساروا إلى كنجة قاعدة أرّان فصانعهم أهلها فساروا إلى بلاد الكرج فهزموهم وحاصروهم بقاعدتهم تفليس، وردهم كثرة الأوعار عن التوغل فيها.
ثم قصدوا دربند شروان وحاصروا مدينة سماجي ودخلوه عنوة وملكوه واستباحوه، وأعجزهم الدربند عن المسير فراسلوا شروان في الصلح، فبعث إليهم رجالا من أصحابه فقتلوا بعضهم وقتلوا الباقين أذلاء. وأفضوا من الدربند إلى أرض أسحمة، وبها من القفجاق واللاز والغز وطوائف من الترك مسلمون وكفار أمم لا تحصى. ولم يطيقوا مغالبتهم لكثرتهم فرجعوا إلى التضريب بينهم حتى استولوا على بلادهم. ثم اكتسحوها وأوسعوهم قتلا وسبيا وفر أكثرهم إلى بلاد الروس وراءهم واعتصم الباقون بالجبال والغياض. وانتهى التتر إلى مدينتهم الكبرى سرداق على بحر نيطش المتصل بخليج القسطنطينية وهي مادتهم وفيها تجارتهم فملكها التتر وافترق أهلها في الجبال وركب أهلها البحر إلى بلاد الروم في إيالة بني قليج أرسلان.
ثم سار التتر سنة عشرين وستمائة من بلاد قفجاق إلى بلاد الروس المجاورة لها، وهي بلاد فسيحة وأهلها يدينون بالنصرانية فساروا إلى مدافعتهم في تخوم بلادهم، ومعهم جموع من القفجاق أياما. ثم انهزموا واثخن فيهم التتر قتلا وسبيا ونهبا، وركبوا السفن هاربين إلى بلاد الإسلام وتركوا بلادهم فاكتسحها التتر، ثم عادوا عنها وقصدوا بلغار آخر السنة.
واجتمع أهلها وساروا للقائهم بعد أن أكمنوا لهم ثم استطردوا أمامهم وخرج عليهم الكمناء من خلفهم فلم ينج منهم إلا القليل. وارتحلوا عائدين إلى جنكزخان بأرض الطالقان، ورجع القفجاق إلى بلادهم واستقروا فيها. والله تعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه. مسير جنكزخان إلى خراسان وتغلبه على أعمالها وعلى خوارزم شاه
وكان جنكزخان بعد أن أجفل خوارزم شاه في جيحون ومسير التتر المغربة في طلبه ملك سمرقند فبعث عسكرا إلى ترمذ، وعسكرا إلى خوارزم وعسكرا إلى خراسان. وكان عسكر خوارزم أعظمها لأنها كرسي الملك ومأوى العساكر، وبعث مع العساكر ابنه جفطاي وأركطاي فحاصروها خمسة أشهر، وامتنعت فأمدهم جنكزخان بالعساكر متلاحقة، وملكوها ناحية إلى أن استوعبوا. ثم نقبوا السد الّذي يمنع ماء جيحون عنها فسال إليها
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 5 صفحه : 588