نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 5 صفحه : 231
استبدّوا بجزيرتهم عند ما دخل العرب الهلاليون إفريقية ومزقوا ملك صنهاجة بها وقارن ذلك استفحال ملك الإفرنج برومة وما اليها من البلاد الشمالية وتطاولوا إلى ملك بلاد المسلمين فسار ملكهم بردويل فيمن معه من زعمائهم وأقماصهم إلى الشام فملكوا مدنه وحصونه كما ذكرناه آنفا وكان من ملوكهم القمص رجار بن نيغر بن خميرة وكان كرسيه مدينة ميلكوا مقابل جزيرة صقلّيّة ولما ضعف أمر المسلمين بها وانقرضت دولة بني أبي الحسين الكلبي منها سما رجار هذا إلى ملكها وأغراه المتغلبون بها على بعض نواحيها فأجاز إليها عساكره في الأسطول في سبيل التضريب بينهم ثم ملكها من أيديهم معقلا معقلا إلى أن كان آخرها فتخاطر إبنّة وما زرعة من يد عبد الله بن الجواس أحد الثوار بها فملكها من يده صلحا سنة أربع وستين وأربعمائة وانقطعت كلمة الإسلام بها ثم مات رجار سنة أربع وتسعين فولي ابنه رجار مكانه وطالت أيامه واستفحل ملكه وذلك عند ما هبت ريح الإفرنج بالشام وجاسوا خلالها وصاروا يتغلبون على ما يقدرون عليه من بلاد المسلمين وكان رجار يتعاهد سواحل إفريقية بالغزو فبعث سنة ثلاث وخمسين أسطول صقلّيّة إلى جزيرة جربة وقد تقلص عنها ظلّ الدولة الصنهاجية فأحاطوا بها واشتدّ القتال ثم اقتحموا الجزيرة عليهم عنوة وغنموا وسبوا واستأمن الباقون وأقرّهم الإفرنج في جزيرتهم على جزية وملكوا عليهم أمرهم والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده. فتح صاحب دمشق بعض حصون الإفرنج
ثم بعث شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق عساكره مع الأمير خزواش سنة إحدى وثلاثين إلى طرابلس الشام ومعه جمع كثير من التركمان والمتطوعة وسار إليه القمص صاحب طرابلس فقاتلوه وهزموه وأثخنوا في عساكره وأحجزه بطرابلس وعاثوا في أعماله وفتحوا حصن وادي ابن الأحمر من حصونه عنوة واستباحوه واستلحموا من فيه من الإفرنج ثم سار الإفرنج سنة خمس وثلاثين الى عسقلان [1] وأغاروا في نواحيها وخرج إليهم عسكر مصر الذين بها فهزموا الإفرنج وظفروا بهم وعادوا منهزمين وكفى الله شرهم بمنه وكرمه. [1] عسقلان: مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزة وبيت جبرين ويقال لها عروس الشام. وقد نزلها جماعة من الصحابة والتابعين وحدث بها خلق كثير. ولم تزل عامرة إلى أن استولى عليها الإفرنج. (معجم البلدان) .
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 5 صفحه : 231