نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 50
أهراء للطعام ومصانع للماء، وبنى فيها القصور والدور فكملت سنة ست، ولما فرغ منها قال: اليوم أمّنت على الفواطم. ثم جهّز ابنه أبا القاسم بالعساكر إلى مصر مرّة ثانية سنة سبع وثلاثمائة فملك الاسكندرية، ثم سار فملك الجيزة والأشمونين وكثيرا من الصعيد. وكتب إلى أهل مكّة بطلب الطاعة فلم يجيبوا إليها، وبعث المقتدر مؤنسا الخادم في العساكر وكانت بينه وبين أبي القاسم عدّة وقعات ظهر فيها مؤنس، وأصاب عسكر أبي القاسم الجهد من الغلاء والوباء فرجع إلى إفريقية، وكانت مراكبهم قد وصلت من المهديّة إلى الإسكندرية في ثمانين اسطولا [1] مددا لأبي القاسم وعليها سليمان الخادم ويعقوب الكتامي وكانا شجاعين، وسار الاسطول من طرسوس للقائهم في خمسة وعشرين مركبا والتقوا على رشيد [2] وظفرت مراكب طرسوس وأحرقوا وأسروا سليمان ويعقوب، فمات سليمان في حبس مصر، وهرب يعقوب من حبس بغداد إلى إفريقية. ثم اغزى المهدي سنة ثمان وثلاثمائة مضالة بن حبوس في رجالات مكناسة إلى بلاد المغرب فأوقع بملك فاس من الأدارسة وهو يحيى بن إدريس بن إدريس بن عمرو، واستنزله عن سلطانه إلى طاعة المهدي فأعطى بها صفقته، وعقد لموسى بن أبي العافية المكناسي من رجالات قومه على أعمال المغرب ورجع. ثم عاود غزو المغرب سنة تسع فدوّخه ومهّد جوانبه وأغراه قريبه عامل المغرب موسى بن أبي العافية بيحيى بن إدريس صاحب فاس، فتقبّض عليه وضمّ فاس إلى أعمال موسى ومحا دعوة الإدريسيّة من المغرب، وأجهضهم عن أعماله فتحيزوا إلى بلاد الريف وغمارة واستجدّوا بها ولاية كما نذكره في أخبار غمارة، ومنهم كان بنو حمّود العلويّون المستولون على قرطبة عند انقراض ملك الأمويّين في سنة ثلاث وأربعمائة كما نذكر لك. ثم صمد مضالة إلى بلاد سجلماسة فقتل أميرها من آل مدرار المكناسيين المنحرف عن طاعة الشيعة، وعقد لابن عمّه كما نذكر في أخبارهم. وسار في أتباعه زناتة في نواحي المغرب فكانت بينه وبينهم حروب هلك مضالة في بعضها على يد محمد بن خزر. واضطرب المغرب فبعث المهدي ابنه أبا القاسم غازيا إلى المغرب في عساكر كتامة وأولياء الشيعة سنة خمس عشرة وثلاثمائة، ففرّ محمد بن خزر، وأصحابه إلى الرمال. وفتح أبو القاسم بلد مزاتة ومطماطة وهوّارة [1] مقتضى السياق سفينة وليس اسطولا، لأنه من غير المعقول ان يرسل ثمانين اسطولا والاولى أصح. [2] قرية ساحلية على الساحل المصري، يوجد فيها ميناء صغير وتعرف بقرية الرشيد.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 50