نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 272
أبي سفيان فاستعطف المأمون وضمن له حياطة اليمن من العلويين فوصله، وولاه على اليمن، وقدمها سنة ثلاث ومائتين. وفتح تهامة اليمن وهي البلد التي على ساحل البحر الغربي. واختط بها مدينة زبيد، ونزلها وأصارها كرسيا لتلك المملكة. وولى على الجبال مولاه جعفرا، وفتح تهامة بعد حروب من العرب. واشترط على عرب تهامة أن لا يركبوا الخيل، واستولى على اليمن أجمع. ودخلت في طاعته أعمال حضرموت والشحر وديار كندة، وصار في مرتبة التبابعة. وكان في صنعاء قاعدة اليمن بنو جعفر من حمير بقية الملوك التبابعة استبدوا بها مقيمين بالدعوة العباسية، ولهم مع صنعاء سبحان ونجران وجرش. وكان أخوهم أسعد بن يعفر، ثم أخوه قد دخلوا في طاعة ابن زياد، وولي بعده ابنه إبراهيم ثم ابنه زياد بن إبراهيم، ثم أخوه أبو الجيش إسحاق ابن إبراهيم. وطالت مدّته إلى أن أسن وبلغ الثمانين. وقال عمارة ملك ثمانين سنة باليمن وحضرموت والجزائر البحرية. ولما بلغه قتل المتوكل وخلع المستعين، واستبداد الموالي على الخلفاء مع ارتفاع اليمن ركب بالمظلة شأن سلاطين العجم المستبدين. وفي أيامه خرج باليمن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي ابن إبراهيم بن طباطبا بدعوة الزيدية، جاء بها من السند، وكان جده القاسم قد فرّ إلى السند بعد خروج أخيه محمد مع أبي السرايا، ومهلكه كما مرّ فلحق القاسم بالسند. وأعقب بها الحسين ثم ابنه يحيى باليمن سنة ثمان وثمانين، ونزل صعدة وأظهر دعوة الزيدية، وزحف إلى صنعاء فملكها من يد أسعد بن يعفر، ثم استردّها منه بنو أسعد ورجع إلى صعدة.
وكان شيعته يسمونه الإمام، وعقبه الآن بها. وقد تقدّم خبرهم. وفي أيام أبي الجيش بن زياد أيضا ظهرت دعوة العبيديين باليمن، فأقام بها محمد بن الفضل بعدن لاعة وجبال اليمن إلى جبال المديحرة سنة أربعين وثلاثمائة. وبقي له باليمن من السرجة إلى عدن عشرون مرحلة، ومن مخلافة الى صنعاء خمس مراحل. ولما غلبه محمد بن الفضل بهذه الدعوة امتنع أصحاب الأطراف عليه، مثل بني أسعد بن يعفر بصنعاء، وسليمان بن طرف بعثر، والإمام الرسي بصعدة فسلك معهم طريق المهادنة. ثم هلك أبو الجيش سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة بعد أن اتسعت جبايته وعظم ملكه. قال ابن سعيد: رأيت مبلغ جبايته وهو ألف ألف مكررة مرتين، وثلاثمائة ألف وستة وستون ألفا من الدنانير العشرية ما عدا ضرابية على مراكب السند، وعلى العنبر الواصل بباب المندب وعدن أبين، وعلى مغائص اللؤلؤ، وعلى جزيرة دهلك، ومن بعضها
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 272