نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 267
واستحلفه على دعواه، وقتل عبده فسر الناس بذلك، ومالوا عن الطبري وأصحابه، وافترق جمعهم وضبط الحسن أمره، وخشي الروم بادرته فدفعوا إليه جزية ثلاث سنين. وبعث ملك الروم بطريقا في البحر في عسكر كبير إلى صقلّيّة، واجتمع هو والسردغرس. واستمدّ الحسن بن علي المنصور فأمدّه بسبعة آلاف فارس وثلاثة آلاف وخمسمائة راجل، وجمع الحسن من كان عنده وسار برا وبحرا. وبعث السرايا في أرض قلورية، ونزل على أبراجه فحاصرها وزحف إليه الروم فصالحه على مال أخذه، وزحف إلى الروم ففروا من غير حرب. ونزل الحسن على قلعة قيشانة فحاصرها شهرا وصالحهم على مال ورجع بالأسطول إلى مسينى فشتى بها. وجاءه أمر المنصور بالرجوع إلى قلورية فعبر إلى خراجة فلقي الروم والسردغرس فهزمهم، وامتلأ من غنائمهم، وذلك يوم عرفة سنة أربعين وثلاثمائة. ثم سار إلى خراجة فحاصرها حتى هادنه ملك الروم قسطنطين. ثم عاد إلى ربو [1] وبنى بها مسجدا وسط المدينة، وشرط على الروم أن لا يعرضوا له، وأن من دخله من الأسرى أمن.
ولما توفي المنصور وملك ابنه المعز سار إليه الحسن، واستخلف على صقلّيّة ابنه أحمد، وأمره المعز بفتح القلاع التي بقيت للروم بصقلية فغزاها، وفتح طرمين وغيرها سنة إحدى وخمسين، وأعيته رمطة فحاصرها فجاءها من القسطنطينية أربعون ألفا مددا. وبعث أحمد يستمد المعز فبعث إليه المدد بالعساكر والأموال مع أبيه الحسن. وجاء مدد الروم فنزلوا بمرسى مسينة وزحفوا إلى رمطة، ومقدم الجيوش على حصارها الحسن بن عمار وابن أخي الحسن بن علي فأحاط الروم بهم.
وخرج أهل البلد إليهم وعظم الأمر على المسلمين فاستماتوا وحملوا على الروم وعقروا فرس قائدهم منويل فسقط عن فرسه، وقتل جماعة من البطارقة معه. وانهزم الروم وتتبعهم المسلمون بالقتل، وامتلأت أيديهم من الغنائم والأسرى والسبي. ثم فتحوا رمطة عنوة وغنموا ما فيها، وركب فلّ الروم من صقلّيّة وجزيرة رفق في الأسطول ناجين بأنفسهم، فأتبعهم الأمير أحمد في المراكب فحرقوا مراكبهم، وقتل كثير منهم، وتعرف هذه الوقعة بوقعة المجاز، وكانت سنة أربع وخمسين وأسر فيها ألف من عظمائهم ومائة بطريق. وجاءت الغنائم والأسارى إلى مدينة بليرم، حاضرة صقلّيّة، [1] هي ريو وقد مرت معنا في السابق.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 4 صفحه : 267