نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 666
خلعه أيبك من أمراء الترك المستبدّين أيام سلطانه بالقاهرة سنة تسع وتسعين لمغاضبة وقعت بينهما، ونصّب للخلافة زكريا ابن عمّه إبراهيم الواثق فلم يطل ذلك، وعزل زكريا لأيام قليلة، وأعاده إلى منصبه إلى أن كانت واقعة قرط التركماني من أمراء العساكر بمصر ومداخلته للمفسدين في الثورة بالسلطان الملك الظاهر أبي سعيد برقوق سنة خمس وثمانين، وسعى عند السلطان بأنه ممن داخله قرط هذا فاستراب به وحبسه بالقلعة سنة ستين، وأدال منه بعمر ابن عمّه الواثق إبراهيم ولقبه [1] فأقام ثلاثا أو نحوها ثم هلك رحمه الله آخر عام ثمانية وثلاثين، ونصّب السلطان عوضه آخاه زكريا الّذي كان أيبك نصّبه كما قدّمنا ذكره، ثم حدثت فتنة بليقا الناصري صاحب حلب سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. وتعالى على السلطان بحبسه الخليفة، وأطال النكير في ذلك فأطلق السلطان الخليفة محمد المتوكل من محبسه بالقلعة وأعاده إلى الخلافة على رسمه الأوّل، وبالغ في تكرمته وجرت فيما بين ذلك خطوب نذكر أخبارها مستوفاة في دولة الترك المقيمين لرسم هؤلاء الخلفاء بمصر. وإنما ذكرنا هنا من أخبارهم ما يتعلق بالخلافة فقط دون اخبار الدولة والسلطان. وهذا الخليفة المتوكّل المنصوب الآن لرسم الخلافة والمعيّن لإقامة المناصب الدينية على مقتضى الشريعة، والمبرك بذكره على منابر هذه الإيالة تعظيما لأبيهم الظاهر، وجريا على سنن التبرك بسلفهم، ولكمال الإيمان في محبتهم وتوفية لشروط الإمامة بينهم وما زال ملوك الهند وغيرهم من ملوك الإسلام بالنواحي يطلبون التقليد منه ومن سلفه بمصر ويكاتبون في ذلك ملوك الترك بها من بني قلاون وغيره فيجيبونهم إلى ذلك، ويبعثون إليهم بالتقليد والخلع والأبهة، ويمدّون القائمين بأمورهم بموادّ التأييد والإعانة بمنّ الله وفضله. [1] كذا بياض بالأصل، ولم نهتد الى لقبه في المراجع التي بين أيدينا.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 666