نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 282
الصوائف وفتوحاتها
كان الرشيد على ما نقله الطبري وغيره يغزو عاما ويحجّ عاما، ويصلّي كل يوم مائة ركعة ويتصدّق بألف درهم، وإذا حجّ حمل معه مائة من الفقهاء ينفق عليهم، وإذا لم يحجّ أنفق على ثلاثمائة حاج نفقة شائعة. وكان يتحذى بآثار المنصور إلا في بذل المال فلم ير خليفة قبله أبذل منه للمال. وكان إذا لم يغز غزا بالصائفة كبار أهل بيته وقوّاده، فغزا بالصائفة سنة سبعين سليمان بن عبد الله البكائيّ، وقيل غزا بنفسه.
وغزا بالصائفة سنة اثنتين وسبعين إسحاق بن سليمان بن عليّ فأثخن في بلاد الروم وغنم وسبى. وغزا في سنة أربع وسبعين بالصائفة عبد الملك بن صالح وقيل أبوه عبد الملك فبلغ في نكاية الروم ما شاء، وأصابهم برد سديد سقطت منه أيدي الجند. ثم غزا بالصائفة سنة سبع وسبعين عبد الرزاق بن عبد الحميد الثعلبي. وفي سنة ثمان وسبعين زفر بن عاصم وغزا سنة إحدى وثمانين بنفسه فافتتح حصن الصفصاف وأغزى عبد الملك بن صالح فبلغ أنقرة وافتتح مطمورة. وكان الفداء بين المسلمين والروم وهو أوّل فداء في دولة بني العبّاس، وتولّاه القاسم بن الرشيد وأخرج له من طرسوس الخادم الوالي عليها، وهو أبو سليمان فرج فنزل المدامس [1] على اثني عشر فرسخا، وحضر العلماء والأعيان وخلق من أهل الثغور وثلاثون ألفا من الجند المرتزقة فحضروا هنالك وجاء الروم بالأسرى ففودي بهم من كان لهم من الأسرى، وكان أسرى المسلمين ثلاثة آلاف وسبعمائة. وغزا بالصائفة سنة اثنتين وثمانين عبد الرحمن ابن عبد الملك بن صالح دقشوسوس [2] مدينة أصحاب الكهف. وبلغهم أنّ الروم سلوا [3] ملكهم قسطنطين بن أليون وملكوا أمّه ربى [4] وتلقّب عطشة، فأثخنوا في البلاد ورجعوا. وفي سنة ثلاث وثمانين حملت ابنة خاقان ملك الخزر إلى الفضل ابن يحيى فماتت ببردعة، ورجع من كان معها فأخبروا أباها أنها قتلت غيلة، فتجهّز إلى بلاد الإسلام، وخرج من باب الأبواب وسبى أكثر من مائة ألف فارس وفعلوا ما لم يسمع بمثله. فولّى الرشيد يزيد بن مزيد أمر أرمينية مضافة إلى أذربيجان وأمره [1] اللامس: ابن الأثير ج 6 ص 159. [2] أفسوس: ابن الأثير ج 6 ص 159. [3] سملوا: ابن الأثير ج 6 ص 159. [4] ريني: ابن الأثير ج 6 ص، وتلقب عطسة.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 282