نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 2 صفحه : 532
وحبس من شغب عليه في القصر وقيدهم، وكان فيهم أبو محجن الثقفي، وقيل إنما حبسه بسبب الخمر. ثم خطب الناس وحثهم على الجهاد وذكرهم بوعد الله، وذلك في المحرم سنة أربع عشرة، وأخبرهم أنه استخلف خالد بن عرفطة. وأرسل جماعة من أهل الرأي لتحريض الناس على القتال مثل المغيرة وحذيفة وعاصم وطليحة وقيس وغالب وعمرو، ومن الشعراء الشماخ والحطيئة والعبديّ بل وعبدة بن الطيب وغيرهم ففعلوا، ثم أمر بقراءة الأنفال فهشت قلوب الناس وعيونهم وعرفوا السكينة مع قراءتها، فلما فرغت القراءة قال سعد: الزموا مواقفكم فإذا صليتم الظهر فإنّي مكبر تكبيرة فكبّروا واستعدّوا، فإذا سمعتم الثانية فكبّروا وأتموا عدّتكم، فإذا سمعتم الثالثة فكبّروا ونشطوا الناس، فإذا سمعتم الرابعة فازحفوا حتى تخالطوا عدوّكم وقولوا لا حول ولا قوّة إلا باللَّه.
فلما كبر الثالثة برز أهل النجدات فأنشبوا القتال وخرج أمثالهم من الفرس فاعتوروا الطعن والضرب، وارتجزوا الشعر، وأول من أسر في ذلك اليوم هرمز من ملوك الكبار [1] وكان متوّجا أسره غالب بن عبد الله الأسدي [2] فدفعه إلى سعد ورجع إلى الحرب. وطلب البراز أسوار منهم فبرز إليه عمرو بن معديكرب فأخذه وجلده الأرض فذبحه وسلب سواريه ومنطقته. ثم حملوا الفيلة على المسلمين وأمالوها على بحيلة فثقلت عليهم، فأرسل سعد إلى بني أسد أن يدافعوا عنهم، فجاءه طليحة بن خويلد وحمل بن مالك فردّوا الفيلة، وخرج على طليحة عظيم منهم فقتله طليحة، وعير الأشعث بن قيس كندة بما يفعله بنو أسد فاستشاطوا ونهودا معه فأزالوا الذين بإزائهم. وحين رأس الفرس ما لقي الناس والفيلة من بني أسد حملوا عليهم جميعا وفيهم ذو الحاجب والجالنوس.
وكبر سعد الرابعة فزحف المسلمون وثبت بنو أسد، ودارت رحى الحرب عليهم وحملت الفيول على الميمنة والميسرة ونفرت خيول المسلمين منها فأرسل سعد إلى عاصم بن عمر هل من حيلة لهذه الفيلة؟ فبعث الرماة يرشقونها بالنبل واشتدّ لردّها آخرون يقطعون الوضن، وخرج عاصم بجميعهم ورحى الحرب على أسد، واشتدّ عواء الفيلة ووقعت الصناديق فهلك أصحابها، ونفس عن أسد أن أصيب منهم [1] وفي نسخة ثانية: اللباب. [2] وفي نسخة ثانية: الازدي.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 2 صفحه : 532