نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 2 صفحه : 456
النجاشي لما كلمه في ذلك، فوفقه الله ورئي [1] الحق فأسلم وكتم إسلامه، ورجع إلى قريش ولقي خالد بن الوليد فأخبره فتفاوضا، ثم هاجرا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأسلما.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا مع بعث الشام وأمّر على الجيش مولاه زيد بن حارثة وكانوا نحوا من ثلاثة آلاف، وقال إن أصابه قدر فالأمير جعفر بن أبي طالب، فإن أصابه قدر فالأمير عبد الله بن رواحة، فإن أصيب فليرتض المسلمون برجل من بينهم يجعلونه أميرا عليهم. وشيعهم صلى الله عليه وسلم وودّعهم، ونهضوا حتى انتهوا إلى معان من أرض الشام، فأتاهم الخبر بأن هرقل ملك الروم قد نزل مؤاب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم ومائة ألف من نصارى العرب البادين هنالك من لخم وجذام وقبائل قضاعة من بهرا وبلي والقيس وعليهم مالك بن زاحلة من بني أراشة. فأقام المسلمون في معان ليلتين يتشاورون في الكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتظار أمره ومدده، ثم قال لهم عبد الله بن رواحة أنتم إنما خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة إلّا بهذا الدين الّذي أكرمنا الله به، فانطلقوا إلى [2] جموع هرقل عند قرية مؤتة ورتبوا الميمنة والميسرة، واقتتلوا فقتل زيد بن حارثة ملاقيا بصدره الرماح والراية في يده، فأخذها جعفر بن أبي طالب وعقر فرسه ثم قاتل حتى قطعت يمينه فأخذها بيساره فقطعت فقتل كذلك وكان ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأخذها عبد الله بن رواحة وتردّد عن النزول بعض الشيء ثم صمم إلى العدوّ فقاتل حتى قتل.
فأخذ الراية ثابت بن أفرم [3] من بني العجلان وناولها لخالد بن الوليد فانحاز بالمسلمين، وأنذر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقتل هؤلاء الأمراء قبل ورود الخبر وفي يوم قتلهم، واستشهد مع الأمراء جماعة من المسلمين يزيدون على الشعرة أكرمهم الله بالشهادة، ورجعوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأحزنه موت جعفر ولقيهم خارج المدينة وحمل عبد الله بن جعفر بين يديه على دابته وهو صبي وبكى عليه واستغفر له وقال: أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة، فسمي ذا الجناحين. [1] وفي نسخة اخرى: رأى. [2] وفي احدى النسخ: فانطلقوا فهي احدى الحسنيين إمّا ظهوره وإما شهادتنا موافقوه ونهضوا الى تخوم البلقاء فلقوا جموع هرقل. [3] وفي النسخة الباريسية: ثابت بن أرقم وفي نسخة اخرى: ثابت بن أقرن.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 2 صفحه : 456