نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 2 صفحه : 421
الهجرة
ولما علمت قريش أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأنصار من غيرهم وأنه مجمع على اللحاق بهم وأنّ أصحابه من المهاجرين سبقوه إليهم تشاوروا ما يصنعون في أمره، واجتمعت لذلك مشيختهم في دار الندوة: عتبة وشيبة وأبو سفيان من بني أمية وطعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر من بني نوفل والنضر بن الحارث من بني عبد الدار وأبو جهل من بني مخزوم ونبيه ومنبه ابنا الحجاج من بني سهم وأمية بن خلف من بني جمح، ومعهم من لا يعدّ من قريش. فتشاوروا في حبسه أو إخراجه عنهم، ثم اتفقوا على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى شابا جلدا فيقتلونه جميعا فيتفرق دمه في القبائل ولا يقدر بنو عبد مناف على حرب جميعهم.
واستعدوا لذلك من ليلتهم وجاء الوحي بذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا رأى أرصدهم على باب منزله أمر علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه ويتوشح ببرده، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فطمس الله تعالى على أبصارهم ووضع على رءوسهم ترابا وأقاموا طول ليلهم، فلما أصبحوا خرج إليهم عليّ فعلموا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد نجا، وتواعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصدّيق، واستأجر عبد الله بن أريقط الدولي من بني بكر بن عبد مناف ليدل بهما إلى المدينة وينكب عن الطريق العظمى، وكان كافرا وحليفا للعاص بن وائل، لكنهما وثقا بامره [1] وكان دليلا بالطرق.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوخة في ظهر دار أبي بكر ليلا، وأتيا الغار الّذي في جبل ثور بأسفل مكّة فدخلا فيه، وكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بالأخبار، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وراعي غنمه يريح غنمه عليهما ليلا ليأخذ حاجتهما من لبنها، وأسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام. وتقفّى [2] عامرا بالغنم أثر عبد الله [3] ، ولما فقدته قريش اتبعوه ومعهم القائف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار وقال هنا انقطع الأثر! وإذا بنسج العنكبوت على فم الغار فاطمأنوا إلى ذلك ورجعوا، وجعلوا مائة ناقة لمن ردّهما عليهم. [1] وفي نسخة ثانية: بأمانته. [2] وفي نسخة ثانية: نقض. [3] وفي النسخة الباريسية: اثر عبد الله والماء.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 2 صفحه : 421