مُلُوك الْحيرَة هم المتاذرة بَنو عدي بن نصر بن ربيعَة من ولد لخم بن عدي بن عَمْرو ابْن سبا وَلما قتل جذيمة ملك بعده ابْن أُخْته رقاش " عَمْرو " بن عدي بن نصر بن ربيعَة.
وَكَانَ لجذيمة عبد يُقَال لَهُ قصير فاتفق مَعَه عَمْرو على جدع أنف قصير وضربه بالسياط وَحضر قصير على تِلْكَ الْحَالة إِلَى الزباء فِي صُورَة مغاضب لعَمْرو فأمنت إِلَيْهِ الزباء وَصَارَ يتجر لَهَا وَيَأْخُذ قصير المَال من مَوْلَاهُ ويحضره إِلَيْهَا موهما لَهَا أَنه كسب متجرها مَرَّات حَتَّى أَتَى بقافلة نَحْو ألف جمل عَلَيْهَا صناديق مقفلة من دَاخل فِيهَا أبطال فارتابت الزباء مِنْهَا وَقَالَت:
(مَا للجمال سَيرهَا وئيدا ... أجندلا يحملن أم حديدا)
(أم صرفانا بَارِدًا صهيدا ... أم الرِّجَال جثما قعُودا)
فَلَمَّا دخلُوا حصنها خَرجُوا من الصناديق وَأخذُوا الْمَدِينَة عنْوَة وَقتلُوا الزباء وَأخذ قصير بثأر جذيمة مَوْلَاهُ؛ قلت: هُوَ قصير بن سعد اللَّخْمِيّ صَاحب جذيمة وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الأذكياء أَنه ابْن عَم جذيمة وَفِي صِحَاح الْجَوْهَرِي أَنه صَاحب جذيمة فَفِي قَوْله أَنه عبد لَهُ فِيهِ نظر وَضرب بجذع قصير أَنفه الْمثل الْمَشْهُور وَالله أعلم. وَطَالَ ملك عَمْرو وَمَات.
وَملك بعد ابْنه " امْرُؤ الْقَيْس " بن عَمْرو وَيُقَال لَهُ البداء أَي الأول، ثمَّ ملك بعد ابْنه " عَمْرو " فِي أَيَّام سَابُور ذِي الأكتاف، ثمَّ ملك " أَوْس " بن قلام العمليقي ثمَّ ملك آخر من العماليق، ثمَّ رَجَعَ الْملك إِلَى بني عَمْرو بن عدي بن نصر بن ربيعَة اللخميين الْمَذْكُورين وَملك مِنْهُم " امْرُؤ الْقَيْس " من ولد عَمْرو بن امرىء الْقَيْس وَيعرف هَذَا الثَّانِي بالمحرق لِأَنَّهُ أول من عاقب بالنَّار.
ثمَّ ملك ابْنه " النُّعْمَان " الْأَعْوَر باني الخورنق والسدير ملك ثَلَاثِينَ سنة ثمَّ تزهد وَخرج من الْملك فِي زمن بهْرَام جور بن يزدجرد ذكره عدي بن زيد فِي قصيدته الْمَشْهُورَة بقوله:
(وتدبر رب الخورنق ... إِذْ أشرف يَوْمًا وللهدى تفكير)
(سره مَاله وَكَثْرَة مَا ... يملك وَالْبَحْر معرض والسدير)
وَملك بعده ابْنه الْمُنْذر بن النُّعْمَان وانْتهى ملكه فِي زمن فَيْرُوز بن يزدجرد، ثمَّ ملك ابْنه الْأسود وانتصر على غَسَّان عرب الشَّام وَأسر عدَّة من مُلُوكهمْ وَأَرَادَ الْأسود بن الْمُنْذر أَن يعْفُو عَنْهُم وَكَانَ لَهُ ابْن عَم يُقَال لَهُ أَبُو أذينة قد قتل لَهُ آل غَسَّان أَخا فِي بعض الوقائع