عبد الرحمن بن عوف وهو يومئذ على شرط مروان فضرب وجه ناقة ابن مطيع بسوطه وقال: تنح، فتنحى، وأقبل صخير بن أبي الجهم يتخلل الموكب حتى دنا من مصعب فخطم [1] أنفه بالسوط ثم ولّى وهو على ناقة له مهرية [2] بكرة [3] وأمسك مصعب على أنفه ثم دنا من مروان فأخبره الخبر واستعداه على صخير، فوقف مروان وغضب غضبا شديدا وقال: عليّ به، والله لأقطعن يده! فقال ابن مطيع: لقد أردت أن تكثر جذمي [4] قريش، فاتبعه قوم فلم يقدروا [5] عليه ولم يتعلقوا به حتى نجا، فلما انتهى القوم إلى مكة وقضوا حجهم بعث عبد الله بن مطيع جارية له يقال لها خيرة ذات ميسم وعقل ولسان وكان ابتاعها بأربعة آلاف درهم إلى عبد الملك بن مروان وهو يومئذ غلام بطرفة [6] وقال لها: تعرضي لصاحب الشرط، فإن كلمك فكلميه وضاحكيه، فانطلقت الجارية ففعلت ما أمرت به، فلما مرت بمصعب بن عبد الرحمن سألها لمن هي وما أمرها؟ فأجابته وراجعته الكلام، فأعجبته فبعث إلى عبد الله بن مطيع يسومه بها، فبعث بها إليه فقبضها مصعب وبعث إليه بثمنها، فأبى أن يقبله وقال: إن مثلي لا يبيع مثلك، فلما حضر الصدر [7] ركب عبد الله بن مطيع وعبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي إلى مصعب ابن عبد الرحمن فاستوهباه الضربة [8] التي يطلب بها صخير بن أبي الجهم [1] في الأصل: فحطم- بالحاء المهملة، ومعنى خطم بالخاء: ضرب. [2] مهرية بفتح الميم، نسبة إلى مهرة وهي قبائل كانت تسكن أرضا جلها الصحاري في شمال شرق حضرموت تمتاز إبلها بسرعة السير. [3] في الأصل: منكرة- بالنون، وفي تهذيب ابن عساكر 6/ 409: مبكرة- بالباء الموحدة، وهو أيضا خطأ، والبكرة بالفتح: الفتية من الإبل. [4] جذمي كندمى جمع الأجذم وهو مقطوع اليد. [5] في الأصل: يقدرو. [6] في الأصل: بطرفة، والطرف بكسر الطاء: الكريم من الخيل والحديث من المال، واحدها طرفة. [7] يعني مجلس الأمير. [8] في الأصل: الضرته (مدير) .