responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 318
، وَإِنْ رَأَيْتَ حَالا شَدِيدًا فَادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْمِائَةِ دِينَارٍ.
فَانْطَلَقَ الْحَارِثُ، فَإِذَا هُوَ بِعُمَيْرٍ جَالِسٌ يُفْلِي قَمِيصًا إِلَى جَنْبِ الْحَائِطِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: انْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ. فَنَزَلَ ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟
فَقَالَ: مِنَ الْمَدِينَةِ. قَالَ: فَكَيْفَ تَرَكْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ؟ قَالَ: صَالِحًا. قَالَ: فَكَيْفَ تَرَكْتَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: صَالِحِينَ. قَالَ: أَلَيْسَ يُقِيمُ الْحُدُودَ/ قَالَ: بَلَى، ضَرَبَ ابْنًا لَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ فَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ. قَالَ عُمَيْرٌ: اللَّهمّ أَعِنْ عُمَرَ، فَإِنِّي لا أَعْلَمُهُ إِلا شَدِيدًا حُبُّهُ لَكَ.
قَالَ: فَنَزَلَ بِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ إِلا قُرْصٌ مِنْ شَعِيرٍ كَانُوا يَخُصُّونَهُ بِهِ، وَيَطْوُونَ حَتَّى أَتَاهُمُ الْجَهْدُ. فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: إِنَّكَ قَدْ أَجَعْتَنَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَتَحَوَّلَ عَنَّا فَافْعَلْ. قَالَ:
فَأَخْرَجَ الدَّنَانِيرَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَعَثَ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنيِنَ، فَاسْتَعِنْ بِهَا. قَالَ: فَصَاحَ وَقَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، رُدَّهَا. فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهَا، وَإِلا فَضَعْهَا فِي مَوَاضِعِهَا. فَقَالَ عُمَيْرٌ: وَاللَّهِ مَا لِي شَيْءٌ أَجْعَلُهَا فِيهِ. فَشَقَّتِ الْمَرْأَةُ أَسْفَلَ دِرْعِهَا، فَأَعْطَتْهُ خِرْقَةً، فَجَعَلَهَا فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَبْنَاءِ الشُّهَدَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ وَالرَّسُولُ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْهَا شَيْئًا. فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: أَقْرِئْ مِنِّي أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ السَّلامَ. فَرَجَعَ الْحَارِثُ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ حَالا شَدِيدًا. قَالَ: فَمَا صَنَعَ بِالدَّنَانِيرِ؟
قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: «إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَلا تَضَعْهُ مِنْ يَدِكَ حَتَّى تُقْبِلَ» .
فَأَقْبَلَ إِلَى عُمَرَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «مَا صَنَعْتَ بِالدَّنَانِيرِ؟ فَقَالَ: / صَنَعْتُ مَا صَنَعْتُ، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْهَا؟ قَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ إِلا مَا أَخْبَرْتَنِي [1] مَا صَنَعْتَ بِهَا؟ قَالَ:
قَدَّمْتُهَا لِنَفْسِي. قَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ. فَأَمَرَ لَهُ بِوَسَقٍ مِنْ طَعَامٍ وَثَوْبَيْنِ، فَقَالَ: أَمَّا الطَّعَامُ فَلا حَاجَةَ لِي فِيهِ، قَدْ تَرَكْتُ فِي الْمَنْزِلِ صَاعَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، إِلَى أَنْ آكُلَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالرِّزْقِ. وَلَمْ يَأْخُذِ الطَّعَامَ. وَأَمَّا الثَّوْبَانِ فَإِنَّ أُمَّ فُلانٍ عَارِيَةٌ [2] . فَأَخَذَهُمَا وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ هَلَكَ- رَحِمَهُ الله- فبلغ ذلك عُمَرَ، فَشُقَّ عَلَيْهِ، وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ يَمْشِي مَعَهُ، وَمَعَهُ الْمَشَّاءُونَ [3] إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَقَالَ لأصحابه: ليتمنّ كل

[1] في ت: «أقسمت عليك لتخبرني» .
[2] في ت: «عريان» .
[3] في الأصل: «المشارون» .
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست