نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي جلد : 12 صفحه : 296
ولا الجنة ولا النار، ومعنى المعاد عندهم عود كل شيء إلى أصله، قالوا: فجسم الآدمي يبلى، والروح إن صفت بمجانبة الهوى، والمواظبة على العبادات، وغذيت بالعلم سعدت [1] بالعود إلى وطنها الأصلي، وكمالها بموتها، إذ به خلاصها من ضيق الجسد.
وأما النفوس المنكوسة [2] المغموسة في عالم الطبيعة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة [3] المعصومين، فإنها أبدا في النار على معنى أنها تتناسخ في الأبدان الجسمانية، وكلما فارقت جسدا تلقاها آخر، واستدلوا بقوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها [4]: 56 [4] وأكثر مذاهبهم يوافق الثنوية والفلاسفة في الباطن، والروافض في الظاهر، وغرضهم بهذه التأويلات انتزاع المعتقدات الظاهرة، من نفوس الناس [5] ، حتى تبطل الرغبة والرهبة.
ثم إنهم يعتقدون استباحة المحظورات، ورفع الحجر، ولو ذكر لهم هذا لأنكروه، وقالوا: لا بد من الانقياد للشرع على ما يفعله [6] الإمام، فإذا أحاطوا بحقائق الأمور انحلت عنهم القيود والتكاليف العملية [7] / إذ المقصود عندهم [8] من أعمال الجوارح تنبيه القلب، وإنما تكليف الجوارح للخمر [9] الذين لا يراضون إلا بالسياقة.
وغرضهم هدم قوانين الشرع.
قالوا: وكل ما ذكر من التكاليف فرموز إلى باطن، فمعنى الجنابة مبادرة المستجيب [10] بإنشاء سر إليه، قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك، ومعنى الغسل تجديد [1] في ك: «استعدت» . [2] في الأصل: «وأما النفوس المعكوسة» . [3] في ك: «والأئمة» . [4] سورة: النساء، الآية: 56. [5] في الأصل: «الخلق» . [6] في الأصل: «يفصله» . [7] في ك: «العلمية» . [8] في الأصل: «المقصود منها أي» . [9] في ك: «للغمر» . [10] في ك: «المستحب» .
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم نویسنده : ابن الجوزي جلد : 12 صفحه : 296