responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 80
اليتيم عن حقه، ويقهره ويظلمه. وأنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار، ويقولون: "إنما يحوز المال من يطعن بالسنان، ويضرب بالحسام"[1].
وكان منهم من يبخل بماله فلا ينفق منه على المحتاجين والمساكين. وكان منهم من يعتذر عن بخله وحرصه، فيقول: {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} فنزلت هذه الآية: {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} فيهم، "وتوجه الذم إليهم. فيكون معنى الكلام: لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا"[2].
وكان بين الجاهليين فقراء معدمون مدقعون لم يملكوا من حطام هذه الدنيا شيئًا. وكانت حالتهم مزرية مؤلمة. منهم من سأل الموسرين نوال إحسانهم، ومنهم من تحامل على نفسه تكرمًا وتعففًا، فلم يسأل غبًّا ولم يطلب من الموسرين حاجة، محافظة على كرامته وعلى ماء وجهه، مفضلًا الجوع على الشبع بالاستجداء.
حتى ذكر أن منهم من كان يختار الموت على الدنية. والدنية، أن يذهب رجل فيتوسل إليه بأن يجود عليه بمعروف. ومنهم من اعتفد. والاعتفاد أن يغلق الرجل بابه على نفسه، فلا يسأل أحدًا حتى يموت جوعًا. وكانوا يفعلون ذلك في الجدب. قيل: كانوا إذا اشتد بهم الجوع وخافوا أن يموتوا أغلقوا عليهم بابًا وجعلوا حظيرة من شجرة يدخلون فيها ليموتوا جوعًا[3].
وكان بعض تجار مكة إذا أفلسوا أو ساءت حالتهم، خرحوا إلى البادية سرًّا، وأقاموا هناك حتى يهلكوا جوعًا. خشية معرة وقوف رجال مكة على حالهم، وإشفاقًا على أنفسهم من التوسل بالأغنياء لمساعدتهم[4]. فالموت على هذه الصورة أسهل عندهم من الاستجداء. روي "عن ابن عباس" في تفسير {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} ،قوله: "وذلك أن قريشًا كانوا إذا أصابت واحدًا منهم مخمصة، جرى هو وعياله إلى موضع معروف، فضربوا على أنفسهم خباء فماتوا"[5].
وكان منهم من رضي وقنع بالدون من المعيشة، فعاش في فقر مدقع. والدقع

[1] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن "20/ 211".
[2] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن "20/ 211".
[3] تاج العروس "2/ 246"، "عفد".
[4] السيوطي، الدر المنثور "4/ 397".
[5] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن "20/ 204"، تفسير سورة قريش.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست