responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 61
وفي أيام الشدة وفي الأيام الأخرى أيضًا يرسل الأعراب أولادهم لجمع الحنظل، فإذا جمع نُقِف، لإخراج هبيدة، أي حَبّه، لطبخه، أو تحميصه لأكله.
وقد تفاخر "حسان بن ثابت" بالغساسنة، لأنهم كانوا في بحبوحة من العيش، وليسوا بصعاليك يرسلون ولائدهم لنقف الحنظل[1]. وإلى ذلك أشار "امرؤ القيس" بقوله:
كأني غداة البين حين تحملوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل2
وقد كانوا يقاسون من شدة الجوع والفقر في بعض السنين حتى يموت من يموت منهم من الجوع. قيل: "كانوا إذا اشتد بهم الجوع وخافوا أن يموتوا أغلقوا عليهم بابًا وجعلوا حظيرة من شجرة يدخلون فيها ليموتوا جوعًا"، "ولقي رجل جارية تبكي فقال لها: ما لك؟ فقالت نريد أن نعتفد"، "والاعتفاد أن يغلق الرجل بابه على نفسه، فلا يسأل حتى يموت جوعًا"[3]. فالاعتفاد انتحار للتخلص من ألم الجوع.
قال بعض المدنيين لبعض الأعراب: أتأكلون الحيّات والعقارب والجعلان والخنافس؟ فقال: نأكل كل شيء إلا أم حُبين. فقال المدني: لتَهْنِ أم الحُبَينِ العافية[4]. فالفقر كافر، والجوع يدفع الإنسان إلى أكل كل شيء.
والعرب تكني عن الجوع بـ"أبي مالك". وتسمي الخبز جابرًا وعاصمًا وعامرًا[5]. وقد كنّت عنه وعن الإفلاس بـ"أبي عمرة"[6].
وهو على فقر أكله وبساطته وجوعه يهزأ بأكل الحضر ويسخر منه، ويرى فيه طعامًا صعبًا لا يهضم. وأكلًا لا يناسب مزاج العرب. إذا أكله آكل أصيب بمرض. وهو محق في ذلك، فرجل ذو معدة فارغة، لا يذوق إلا القليل من الأكل والماء، لا تتمكن معدته من هضم طعام مهما كان بسيطًا، فإنه ثقيل بالنسبة

[1] البرقوقي "ص310"، ديوان حسان "ص33" "هرشفلد".
2 تاج العروس "6/ 260"، "نقف".
[3] تاج العروس "2/ 426"، "عقد".
[4] الحيوان "3/ 526"، "هارون".
[5] الثعالبي، ثمار "6/ 249".
[6] الثعالبي، ثمار "1/ 248".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست