responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 49
العرب من بين الأمم بأربع: العمائم تيجانها، والدروع حيطانها، والسيوف سيجانها، والشعر ديوانها"[1].
وتعد العمامة من لبس الطبقة العالية والمترفة، وذلك لأن الطبقة الفقيرة والعامة لم تكن تتمكن من اقتنائها، وإنما تضع على رأسها أغطية أخرى، أخف وزنًا وثمنًا من العمامة، ولذلك كانوا إذا أرادوا التعبير عن رخاء شخص، قالوا: "أرخى عمامته: أمن وترفه، لأن الرجل إنما يرخي عمامته عند الرخاء"[2].
وجاء في الحديث: أنه كان يتعوذ من الحور بعد الكور، أي من النقصان بعد الزياد. وهو من تكوير العمامة، لأن الكور تكوير العمامة، والحور نقضها، وتكوير العمامة دلالة على الرخاء وحسن الحال، والحور يعني تغير الحال كما ينتقض كور العمامة بعد الشد[3]. ففي تكوير العمائم، دلالة على النعمة والرخاء. إذ لم يكن في وسع الفقير شراء قماش يعمم به رأسه على سنة الأغنياء. فكيف به يعمم رأسه بعمامة كبيرة.
ولم يكن تكوير العمامة العلامة الوحيدة الدالة على الغنى والجاه، بل كان الإسراف في إطالة الردن والذيل في الثوب من علائم الغنى والجاه أيضًا. فقد كان السادات والأغنياء يطيلون الأردان وأذيال الثياب، حتى تصير تلامس الأرض، للتعبير عن غناهم وكثرة مالهم وأنهم لا يبالون بالمال ولا بالثياب فيتركونها تجر الأرض وراءهم من سعة عيشهم. بينما لم يكن في وسع الفقير أكساء جسمه حتى بالأسملة.
وللعمامة منزلة كبيرة عند العرب. فهي تعبر عن شرف الرجل وعن مكانته، فإذا اعتدي عليها أو أهينت، لحق الذل بصاحبها، وطالب بإنصافه وبأخذ حقه.
وإذا أهين شخص أو شعر بإهانة لحقت به، ألقى بعمامته على الأرض، ونادى بوجوب إنصافه. ويعدّ اللوذ بعمامة رجل، وذكرها من موجبات الوفاء والإنصاف لمن لاذ بها. "وإذا قالوا سيد معمم، فإنما يريدون أن كل جناية يجتنيها الجاني في تلك العشيرة، فيه معصوبة برأسه"[4]. كما يريدون بذلك السيادة لأن تيجان العرب العمائم، فكما قيل في العجم: توج من التاج. قيل في العرب: عمم. وكانوا

[1] الثعالبي، ثمار القلوب "159".
[2] اللسان "12/ 425".
[3] اللسان "5/ 155 وما بعدها"، "صادر"، "كور".
[4] بلوغ الأرب "3/ 409"، البيان والتبيين "3/ 52".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست