responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 218
وكان الملوك على استبدادهم أحيانًا بآرائهم يستشيرون من يرون فيه الأصالة في الرأي، ولا سيما المتقدمون في السن، فقد "كانت العرب تحمد آراء الشيوخ لتقديمها في السن، ولأنها لا تُتبع حسناتها بالأذى والمنّ، ولما مرّ عليها من التجارب التي عرفت بها عواقب الأمور، حتى كأنها تنظرها عيانًا، وطرأ عليها من الحوادث التي أوضحت لها طريق الصواب وبينته تبيانًا، ولما منحته من أصالة رأيها، واستفادته بجميل سعيها"[1].
ويظهر أن الملوك الغساسنة والمناذرة كانوا قد تطبعوا بطباع الروم والفرس، وأخذوا عنهم أبهة الحكم، فحجبوا أنفسهم عن رعيتهم، مخالفين بذلك العرف العربي، وحصروا أنفسهم في قصورهم وفي قبابهم، حتى أن من كان يريد الوصول إليهم من ذوي الحاجات كان عليه أن يقف أيامًا أمام باب الملك، حتى يأتيه الإذن بالدخول عليه، وهذا ما أزعج الوافدين عليهم كثيرًا، وسبب إلى تجاسر الشعراء وذوي الألسنة الحادة عليهم. وكان على أكثر الوافدين التقرب إلى "الحاجب" والتذلل إليه ورشوته ليعجّل لهم بالدخول على الملوك، ومنهم من كان يتعهد له بأن يجعل له نصيبًا فيما قد يناله من جوائز الملك وهداياه، فيسرع الحاجب عندئذ إلى الملك، لطلب أخذ الإذن منه بدخول ذلك الوافد عليه.
وتوصف أخلاق الملوك بالتلون والتغير، لأن الملوك لهم بَدَوات. حتى ضرب بتلون أخلاقهم المثل. فقيل:
ويومٍ كأخلاق الملوك ملوّنٍ ... فشمسٌ ودجنٌ ثم طلٌّ ووابلُ2
ولهذا حذر أصحاب المكانة والجاه من الوصول إليهم في أيام غضبهم وبؤسهم. خشية صدور شيء منهم قد يزعجهم فيغضبوا عليه، أو يتفوهوا بعبارات قد تخدش من كرامتهم، وتسبب لهم الألم والأذى. وقد ورد في الحكم: اتقوا غضب الملوك ومدّ البحر[3]. وقد ضرب المثل بيومي البؤس والنعيم.
وقد وردت في الكتابات الجاهلية مصطلحات تعبر عن تقدير الناس لملوكهم،

[1] نهاية الأرب "6/ 74".
2 الثعالبي، ثمار القلوب "184"، "أخلاق الملوك. رقم263".
[3] الثعالبي، ثمار القلوب "186".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 9  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست