responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 97
ولا يستبعد أن يكون ما ذكره أهل الأخبار عن "عبد الله بن جدعان"، هو من صنع حساده ومبغضيه ممن حسدوه على ما بلغ إليه بمكة من مركز وجاه. ومثل هذا التشنيع على الناس شائع مألوف, لا سيما وقد كان في الأصل فقيرا غير موسر، فغني بجده واجتهاده, فتقوَّل عليه حساده من أهل زمانه تلك الأقوال.
وقد عرف "ابن جدعان" بإكرام الناس وبالإنفاق على أهل مدينته, وروى أهل الأخبار أمثلة عديدة على جوده وسخائه. من ذلك: ما رووه من أنه كان قد وضع جفنة كبيرة ملأها طعامًا ليأكل منها الناس، وكانت الجفنة على درجة كبيرة من السعة بحيث غرق فيها صبي كان قد سقط فيها. وذكروا أن الرسول قال: "لقد كنت أستظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكَّة عُمَيّ" أي: وقت الظهيرة[1]. ووصفوا الجفنة فقالوا: إنها "كانت لابن جدعان في الجاهلية، يطعم فيها الناس، وكان يأكل منها القائم والراكب لعظمها"[2]. يأكل الراكب منها، وهو على بعيره من عرض حافتها وكثرة طعامها[3].
وذكروا أنه كان يطعم التمر والسويق ويسقي اللبن، حتى سمع قول أمية بن أبي الصلت:
ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم ... فرأيت أكرمهم بني الديَّان
البر يُلْبَك بالشهاد طعامهم ... لا ما يعللنا بنو جدعان
فبلغ ذلك عبد الله بن جدعان، فوجه إلى اليمن من جاءه بمن يعمل الفالوذج بالعسل، فكان أول من أدخله بمكة، وجعل مناديا ينادي كل ليلة بمكة على ظهر الكعبة: أن هلموا إلى جفنة ابن جدعان. فقال أمية بن أبي الصلت:
له داعٍ بمكة مشمعل ... وآخر فوق كعبتها ينادي4
إلى ردحٍ من الشيزي ملاءٍ ... لُباب البر يلبك بالشهاد5

[1] ابن كثير، البداية "2/ 217"، اللسان "10/ 457"، عيون الأخبار "3/ 268", "كتاب الطعام".
[2] ابن كثير, البداية "2/ 217"، سمط النجوم "1/ 199"، اللسان "10/ 457".
[3] ابن كثير "2/ 229".
4 وفي رواية أخرى: "فوق دارته" بدلًا من "فوق كعبتها"، وهناك اختلافات أخرى في رواية هذه الأبيات وغيرها.
5 البداية "2/ 217"، وذيل الأمالي والنوادر للقالي "38", الأغاني "8/ 329".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست