responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 69
ملوك اليمن ونحو اليكسوم من الحبشة، ورحلة في الصيف نحو الشام وبلاد الروم. وكان يأخذ الإيلاف من رؤساء القبائل وسادات العشائر لخصلتين: إحداهما أن ذؤبان العرب وصعاليك الأعراب وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل كانوا لا يؤمَنون على أهل الحرم ولا غيرهم، والخصلة الأخرى أن أناسًا من العرب كانوا لا يرون للحرم حرمة، ولا للشهر الحرام قدرًا، كبني طيء وخثعم وقضاعة، وسائر العرب يحجون البيت ويدينون بالحرمة له. ومعنى الإيلاف إنما هو شيء كان يجعله هاشم لرؤساء القبائل من الربح، ويحمل لهم متاعًا مع متاعه، ويسوق إليهم إبلًا مع إبله؛ ليكفيهم مؤنة الأسفار, ويكفي قريشًا مؤنة الأعداء، فكان ذلك صلاحًا للفريقين، إذ كان المقيم رابحًا، والمسافر محفوظًا, فأخصبت قريش، وأتاها خير الشام واليمن والحبشة، وحسن حالها، وطاب عيشها. ولما مات هاشم قام بذلك المطلب، فلما مات المطلب قام بذلك عبد شمس، فلما مات عبد شمس قام به نوفل، وكان أصغرهم[1].
وإلى هذا الإيلاف, أشير في شعر "مطرود الخزاعي" بقوله:
يأيها الرجل المحول رحله ... هلا حللت بآل عبد مناف
الآخدين العهد في إيلافهم ... والراحلين برحلة الإيلاف2
وعمل قريش هذا هو عمل حكيم، بدَّل وغيَّر أسلوب تجارة مكة، بأن جعل لها قوافل ضخمة تمر بأمن وبسلام في مختلف أنحاء الجزيرة جاءت إليها نتيجة لذلك بأرباح كبيرة، ما كان في إمكانها الحصول عليها، لو بقيت تتاجر وفقا لطريقتها القديمة، من إرسالها قوافل صغيرة للمتاجرة مع مختلف الأسواق, فكانت القافلة منها إذا سلبت، عادت بأفدح الأضرار المادية على صاحبها أو على الأسرة التي أرسلتها، وربما أنزلت الإفلاس والفقر بأصحابها، بينما توسعت القافلة وفقًا للطريقة الجديدة بأن ساهم بأموالها كل من أراد المساهمة، من غني أو صعلوك أو متوسط حال، ومن سادات قبائل. وبذلك توسع الربح، وعمت فائدته عددًا كبيرًا من أهل مكة، فرفع بذلك من مستواها الاجتماعي، كما ضمن لقوافلها الأمن والسلامة، وصيَّر مكة مكانا مقصودا للأعراب.

[1] الثعالبي، ثمار القلوب "115 وما بعدها".
2 الثعالبي، ثمار القلوب "116".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست