responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 398
وقد أدرك الإسلام ما في العصبية من أخطار على المجتمع، ولما في الأخذ بالثأر من ضرر على الأمة، إذ يحول المجتمع إلى مجتمع ذئاب، يأخذ كل ذئب بحقه من غريمه، فنهى عنها، وحول العصبية الجاهلية إلى عصبية إسلامية، بأن يتعصب المسلم لأهل عصبيته، ولدينه، فيدافع عنه ويقاتل في سبيله وفي سبيل رفع الظلم عمن وقع عليه بمساعدة من بيدهم الأمور على إحقاق الحق وإظهار حق المظلوم لديهم, وحرم العصبية الجاهلية المعروفة، فورد في الحديث: "ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية"[1], ومنع الأخذ بالثأر، إذ جعل حقه من حقوق أولي الأمر، ومن بيده سلطان المسلمين، ومن ينيبونه عنهم للقضاء بين الناس.

[1] اللسان "1/ 606"، "عصب".
وتوقد ناركم شررا يرفع ... لكم في كل مجمعة لواء
المفضليات "ص56"، تاج العروس "3/ 440"، بلوغ الأرب "2/ 162".
من أعراف العرب:
وللأعراب بصورة خاصة أعراف أوجبت الطبيعة عليهم إطاعتها والعمل بها؛ لأن في تنفيذها مصلحة الجميع، وفي الخروج عليها ضررًا بالغًا. من ذلك وجوب الأخذ بالثأر، والبحث عن القاتل لقتله مهما طال من الزمن؛ لأن "الدم لا يغسل إلا بالدم". وقد أملت طبيعة المحيط الذي يعيش فيه العرب عليهم هذا العرف, فليس في البادية من يحول بين قتل الناس بعضهم بعضًا إلا الأخذ بالثأر، وقيام أهل القتيل والعصبية بالأخذ بدمه. ولولا الخوف من الأخذ بالثأر لَعَمَّ القتل الحياة, فالحياة في البوادي وفي أكثر أنحاء جزيرة العرب شدة ومحنة وفقر وقسوة, وليس في البادية أي خير كان مما يستمتع به أهل الحواضر، ولا سيما تلك التي امتازت بوفرة الماء فيها وبحسن جوها واعتداله. لذلك صارت حياة الأعراب ضنكًا في العيش وفقرًا مُرًّا، وصار كل شيء تقع عليه عين الأعرابي ذا قيمة وفائدة عنده مهما كان تافهًا، فيريد الاستيلاء عليه وسلبه من صاحبه؛ لأنه محتاج إليه وفقير، ويرى أن من حقه أن يستولي على كل ما يراه عند من هو أضعف منه، وإن أدى ذلك إلى إزهاق حياته. ولكن الطبيعة التي علمت
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست